يقف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على مفترق طرق، بعد أن تداعى الأعضاء ال209 إلى جمعية عمومية غير عادية في ال26 من شباط (فبراير) 2016، لإجراء انتخابات رئاسية ثانية في أقل من تسعة أشهر، ومحاولة إنقاذ أهم مؤسسة كروية في العالم. وربما يكون انتخاب خلف للعجوز السويسري الموقوف جوزيف بلاتر (يبلغ ال80 الشهر المقبل) الحدث الأبرز والأكثر استحواذاً على الاهتمام والصخب الإعلامي في جميع دول العالم، بعد أكثر من زلزال ضرب «فيفا» منذ ال27 من أيار (مايو) 2015 بسبب فضائح الفساد وتبييض الأموال وانعدام الشفافية والتشكيك في الإدارة. ولكن الأشهر القليلة الماضية شهدت محطات مفصلية لإعادة تصويب الأمور، أهمها تشكيل لجنة إصلاحات من «فيفا» عملت على تقديم اقتراحات ستعرض على الجمعية العمومية الجمعة لاعتمادها تركز على الشفافية والحوكمة وإنشاء كيان إداري مواز لتسيير الأمور اليومية، مع تحول اللجنة التنفيذية إلى مجلس تنفيذي لرسم السياسات العامة لكرة القدم في العالم. لكن اللافت أن تقارير صحافية عدة تطرقت إلى إمكان حل «فيفا» بسبب الفساد المستشري في داخله منذ عقود، وثبت تورط عشرات من الأسماء التي اعتبرت في الماضي من الرموز الكروية، وخصوصاً في أميركا الجنوبية ومنطقة الكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي)، ولم يتردد بعضهم في الدعوة إلى إعلان فترة انتقالية سنة أو سنتين بإشراف شخصية من خارج عالم كرة القدم، لإدارته ريثما تجري الإصلاحات المطلوبة قبل الدعوة إلى انتخابات جديدة. ولكن البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم (50 عاماً) أحد المرشحين الخمسة لخلافة بلاتر اعتبر أنه ليس هناك إعادة تسمية ل«فيفا» أو نقل إلى المقر، بل إعادة هيكلة». ورداً على سؤال عن إمكان نقل المقر من زيوريخ، قال الشيخ سلمان: «لا نحتاج إلى تسمية جديدة ل«فيفا» أو نقل المقر إلى خارج سويسرا، بل إلى إعادة هيكلة مع قواعد جديدة، وهذا ما بدأت به لجنة الإصلاحات التي قدمت اقتراحات في فترة سريعة ستعتمد في الجمعية العمومية المقبلة، لكنها اقتراحات تحتاح إلى الوقت». لكنه انتقد الطريقة التي حصلت فيها التوقيفات السابقة بقوله: «الطريقة غير الصحيحة»، مضيفاً «يجب أن نكون واضحين، إن «فيفا»، بوصفها منظمة تضم أكثر من 450 موظفاً، ليست كلها فاسدة، فهناك أفراد فاسدون وأشخاص من الأميركيتين ارتكبوا أخطاء، ويجب العمل على ألا تتكرر هذه الأخطاء مجدداً». وتابع «من المستحيل أن يكون جميع العاملين في «فيفا» فاسدين، وسويسرا التي تستضيف العدد الأكبر من المنظمات الرياضية الدولية يجب ألا تحمي هذه المنظمات، فيمكن مناقشة الأمور بشفافية، ويجب التعاون الكامل في حال وجود أدلة معينة، ولكن الأمور حصلت بطريقة غير صحيحة وبتوقيت معين، وكأنها حفلة علاقات عامة، فيجب أن نرى الطريقة الأفضل لمعالجة الأخطاء». اعتبر مرشح الاتحاد الأوروبي السويسري جاني إنفانتينو أن الأسبوع الجاري «هو الأهم» في 112 عاماً من تاريخ «فيفا». وقال إنفانتينو (45 عاماً) في بيان له قبل أيام «الأسبوع الحالي هو الأهم في 112 عاماً من تاريخ «فيفا»، وأعضاؤه ال209 لديهم القدرة على تحديد، ليس مصيرهم فقط، ولكن أيضاً مصير «فيفا» وكرة القدم في العالم». وتابع «إن انتخاب الرئيس المقبل واعتماد الإصلاحات العالمية للحوكمة يمكن أن يضع «فيفا» على طريق جديد من الثقة والاحترام والنمو الاقتصادي». وأضاف «في نهاية الأسبوع، سنعرف إذا قام «فيفا» بخطوة كبيرة إلى الأمام باتجاه الإصلاح والشفافية». تجرع «فيفا» الكأس المرة نفسها التي ذاقتها اللجنة الأولمبية الدولية أواخر الألفية الثانية بعد فضيحة أولمبياد «سولت لايك سيتي» في الولاياتالمتحدة، وما تكشف من شراء للأصوات كاد يطيح بأهم منظمة رياضية في العالم. وجاءت الاقدار بأن تشكل لجنة مشابهة للإصلاحات في «فيفا» ضمت ثلاثة أعضاء من اللجنة التي تصدت للفضيحة الأولمبية، هم المحامي السويسري فرانسوا كارار الذي ترأسها، والكويتي الشيخ أحمد الفهد الصباح رئيس اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية (انوك)، والأسترالي كيفن كوسبر. كما أن إنفانتينو نفسه كان عضواً في لجنة الإصلاح التي شكلها «فيفا» لتقديم مقترحات تعيد الهيبة إلى هذه المنظمة الكروية، لأنها ضمت ممثلين عن الاتحادات القارية. ومن أهم الإصلاحات التي تم اعتمادها تحديد سنوات ولايات رئيس «فيفا» والأعضاء ب12 عاماً (3 ولايات بحسب النظام الحالي).