واصلت القوات الأفغانية تراجعها أمام تقدم حركة «طالبان» في ولاية هلمند (جنوب). وانسحبت القوات الأفغانية من منطقة نوا زاد، بعد أيام على انسحابها من منطقة قلعة موسى التي حاصرها مسلحو الحركة أشهراً، وقطعوا طريق الإمدادات العسكرية عنها، ما استدعى نقل إمدادات إليها جواً وفي شكل متقطع. لكن هذه التطورات تزامنت مع معلومات إيجابية عن تقدم في الجهود التي تبذلها إسلام آباد لإطلاق الحوار بين الحركة وخصومها في الحكومة الأفغانية. وتنعقد في العاصمة الأفغانية اليوم، الجولة الرابعة من محادثات دول المجموعة الرباعية التي تضم أفغانستان وباكستان والصين والولايات المتحدة، المعنية بوضع خريطة طريق للحوار بين كابول و»طالبان»، في حين وصل قائد الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف إلى العاصمة القطرية الدوحة حيث تردد أنه قد يلتقي أعضاء المكتب السياسي ل»طالبان» المكلفين بموضوع المفاوضات مع الخارج. ولم تستبعد مصادر باكستانية أن تسفر اتصالات قائد الجيش الباكستاني عن لقاء يجمعه مع زعيم «طالبان» الملا أختر منصور، لإقناع الحركة بالتراجع عن قرارها وقف المفاوضات مع كابول منذ انتهاء جولة أولى منها في إسلام آباد في تموز (يوليو) الماضي. ويتزامن الحوار هذه المرة مع تقدم مقاتلي الحركة في اتجاه السيطرة على مداخل ولاية هلمند ومخارجها، ما يمنحهم قدرة التحكم بثرواتها الزراعية الهائلة، باعتبارها سلة الغذاء للجنوب وتنتج كميات الضخمة من الأفيون والمخدرات. وقد يسمح انسحاب القوات الحكومية بتقدم «طالبان» إلى منطقة سد كاجاكي الذي يوّلد الكهرباء إلى مناطق الجنوب. لكن القوات الحكومية أعلنت أنها ستعيد تشكيل صفوفها للدفاع عن المناطق المحيطة بمدينة لشكر جاه، عاصمة هلمند، حيث الطريق السريع الذي يربطها بولايتي قندهار وهيرات. وصرح الناطق باسم الفرقة 215 في الجيش محمد رسول زازاي بأن الانسحاب من نوا زاد وقلعة موسى «يستند إلى خطط عسكرية للدفاع عن مناطق سانجين ومرجه وناد علي ومحيط لشكر جاه، وطريق كابول - هيرات السريع، «لأنها أولوية لنا». أما حاكم هلمند، مرزا هان رحيمي، فقلل من أهمية الانسحاب من المنطقتين اللتين «نستطيع استعادتهما لاحقاً». لكن نائب رئيس مجلس الولاية عبد المجيد أخوند زاده، استنكر قرار الانسحاب باعتباره «يشكل تجاهلاً لمقتل العشرات من عناصر الجيش والشرطة، ويتنكر لتضحياتهم» في الدفاع عن المناطق التي تم تسليمها إلى الحركة. ولم تعلق قوات الحلف الأطلسي (ناتو) في كابول على تقدم «طالبان» في ولاية هلمند وتأثير ذلك عسكرياً، إلا أن الحكومة الأفغانية شكت من تجاهل الأميركيين طلبها مساعدة مباشرة من خلال تأمين غطاء جوي للقوات الحكومية وقصف مواقع «طالبان»، قبل لجوء هذه القوات إلى خيار الانسحاب.