أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس في عمان، عن التوصل مع نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى «اتفاق موقت من حيث المبدأ» حول شروط وقف محتمل للأعمال العدائية في سورية، لافتاً الى احتمال إعلان ذلك من الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين. وكشف كيري في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني ناصر جودة أنه تحدث مجدداً في اتصال هاتفي مع لافروف صباح امس. وقال: «توصلنا إلى اتفاق موقت من حيث المبدأ على شروط وقف الأعمال العدائية من الممكن أن يبدأ خلال الأيام المقبلة»، وأضاف أن اوباما وبوتين «يمكن أن يتحدثا في أقرب وقت ممكن (...) لتنفيذ وقف إطلاق النار». وتابع: «نحن أقرب إلى وقف لإطلاق النار اليوم أكثر من أي وقت»، في إشارة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الاجتماع الدولي في ميونيخ في 11 و12 من الشهر الجاري، غير انه اشار الى ان «الاتفاق لم ينجز بعد وأتوقع من رئيسينا أن يتحدثا في الأيام المقبلة في محاولة لإنجاز هذا الاتفاق». وتابع «إننا نسعى مع الجانب الروسي إلى وقف إطلاق النار ووقف سفك الدماء لإيصال المساعدات والمعونات الإنسانية للسوريين النازحين والمتضررين من هذا الاقتتال»، واصفاً ما يحدث بأنه «جريمة حرب». وقال: «يجب على جميع الأطراف المتحاربة الامتثال الكامل للإجماع الذي جرى في مجلس الأمن بأن تتوقف فوراً عن الهجمات التي تستهدف المدنيين»، مضيفاً: «سنراقب هذا الوضع عن كثب لأن السلام هو أفضل من المزيد من الحروب والحل السياسي هو أفضل من الدمار الكامل لكل سورية»، محمّلاً النظام السوري والأطراف المتحاربة مسؤولية إيصال المساعدات للمحاصرين. وحذّر نظام الأسد من التمادي في استخدام الغذاء كوسيلة حرب. وزاد: «إننا نركز حالياً على مسار السلام وعزل «داعش» وتدميرها وإعطاء السوريين خياراً حقيقياً لمستقبلهم، إننا نقوم بكل ما وسعنا لتحقيق هذه الفرصة السانحة»، قائلاً: «إننا مهتمون تماماً بالكارثة الإنسانية التي تتكشّف في سورية وملتزمون دعم الأردن في هذا الصدد حيث يستضيف على أراضيه نحو 630 ألفاً من المسجلين لدى مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين». وإذ أشار إلى اللاجئين السوريين الموجودين على الحدود الأردنية - السورية والبالغ عددهم نحو 20 ألفاً، قال إن الولاياتالمتحدة التزمت في مؤتمر لندن للمانحين تقديم 925 مليون دولار إلى الأردن لتقديم الرعاية الطارئة للاجئين ودعم العملية التعليمية، موضحاً أن الولاياتالمتحدة قدمت مسبقاً نحو 600 مليون دولار اميركي إلى الأردن ولبنان، لدعم العملية التعليمية في المجتمعات المستضيفة لهم فيما بلغ إجمالي حجم المساعدات الأميركية نحو 5.4 بليون دولار. وأشار إلى أن عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين المحتاجين بدأت تعمل في شكل كبير حيث وصلت نحو 114 شاحنة إلى 5 مناطق محاصرة قرب دمشق وشمال البلاد. وأكد كيري أن التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة الأميركية مصمم على كسب المعركة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مبيناً أن التحالف نفذ حتى اليوم 10 آلاف غارة استهدفت مواقع «داعش» كما يخطط للقيام بأعمال أخرى ضده. وقال: «إننا نقوم بتدريب شركائنا في سورية والعراق، والأردن ملتزم كذلك المواجهة ضد «داعش»، كما أننا نقوم بدعم الكثير من البلدان وبناء القدرات للحفاظ على بلدانهم ومواجهة التهديدات». وأضاف ان المعركة «ضد «داعش» ستكون أكثر فاعلية وجدوى إذا ما تم الانتقال السياسي في سورية لحكومة تستجيب متطلبات الشعب السوري، وهو ما نسعى إلى تحقيقه»، مشدداً في الوقت ذاته على أن الحرب في سورية لن تنتهي مع استمرار وجود نظام بشار الأسد الذي حمّله المسؤولية الإنسانية عن مشكلة اللاجئين السوريين. وأضاف: «الحل في سورية لن يكون من خلال التوصل لتحالف مع الأسد وإنما من خلال مبادرة سياسية مدعومة مع مجلس حاكم تستهدف مستقبلاً جيداً لسورية». كما «يجب أن تكون هناك عملية سلام شمولية لأن غالبية الشعب يستحقون مستقبلاً يتصف بالسلام والتعددية والشمولية»، موضحاً ان ذلك يتضمن مرحلة انتقالية تشمل تكوين حكومة لا يكون الأسد جزءاً منها. على صعيد آخر، اعلن كيري أن مجموع المساعدات التي ستقدمها بلاده إلى الأردن خلال العام الحالي ستبلغ 1.6 بليون دولار؛ منها 450 مليون دولار مساعدات عسكرية، مبيناً أن الأردن يعتبر ثالث أكبر متلقٍ في العالم لدعم الولاياتالمتحدة عسكرياً. ورداً على سؤال حول اتفاقية التعاون العسكري بين الأردنوالولاياتالمتحدة أو ما يعرف ب «قانون العلاقات العسكرية» الذي وقعه أوباما قبل يومين، أجاب كيري «إن التعاون الدفاعي بيننا وبين الأردن عملية مستمرة، وهذه الاتفاقية هي خريطة للتعاون العسكري بين البلدين تقضي بتقديم المعدات والتدريبات اللازمة للجانب الأردني، بخاصة أن المملكة تعيش إجهاداً كبيراً بسبب ما يحدث في سورية ونتيجة تهديدات داعش». وأفاد بأن بلاده ستقدم للأردن بموجب هذه الاتفاقية أفضل التكنولوجيات والطائرات المختلفة بمختلف أشكالها وكذلك التدريبات اللازمة». وأكد جودة أهمية الزيارة التي يقوم بها كيري للمملكة، والتي تأتي قبيل القمة الأردنية - الأميركية المقررة يوم 24 من الشهر الجاري. وقال: «إننا نقدر عالياً مواقف الولاياتالمتحدة الأميركية الداعمة للأردن»، منوهاً بأن إجمالي المساعدات الأميركية المقدمة للأردن خلال العام الجاري تقترب من 1.275 بليون دولار. وحول مؤتمر لندن للمانحين، أفاد جودة بأن المؤتمر كان محطة مهمة، وكان للأردن دور مهم جداً في إقناع العالم بأن اللجوء السوري ليس موضوعاً اقتصادياً واجتماعياً فحسب وإنما سياسي، وهو ما يتطلب وجود حل سياسي يضمن إنهاء المعاناة الإنسانية، مؤكداً أن الأردن يقوم بهذه «المهمة النبيلة والعبء الكبير نيابة عن الإنسانية جمعاء ويجب عليها أن تهب لنجدته». وأضاف ان هناك جهوداً مشتركة بين الأردنوالولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب والتطرف «لأنها معركة المسلمين في شكل أساسي ضد خوارج العصر وضد كل من يحاول تشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف»، قائلاً «إن هذه المعركة تتطلب جهداً دولياً مكثّفاً وتنسيقاً محكماً ومكثفاً للقضاء على الإرهاب»، مشيراً إلى أن هناك تنسيقاً دقيقاً ومحكماً ومكثفاً مع الولاياتالمتحدة في هذا الأمر». وجدد الوزير الأردني موقف بلاده من الوضع في سورية، وقال: «لا يمكن أن تنتهي الأزمة السورية بهذه الويلات التي نشهدها على مستوى يومي من قتل ودمار ومجاعة وأوبئة ووضع إنساني صعب وسياسي أصعب إلا من خلال تطبيق الحل السياسي».