اختتم قادة دول مجلس التعاون الخليجي قمتهم التشاورية في الرياض أمس، وأدلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية بتصريح في ما يأتي نصه: «تلبية لدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، حفظه الله، عقد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، حفظهم الله، لقاءهم التشاوري الثاني عشر في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء 27 جمادى الأولى 1431ه الموافق 11 مايو 2010م، برئاسة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى. وعبّر قادة دول المجلس عن بالغ تقديرهم للجهود المخلصة والصادقة التي يبذلها حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، حفظه الله، رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وما يبديه من حرص واهتمام كبيرين لدفع مسيرة التعاون المشترك، ونقلها إلى آفاق أرحب، وتحقيق المزيد من التقدم والرخاء لشعوب دول المجلس. وأشاد القادة بنتائج جولة حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى في عدد من الدول الأوروبية التي تعد حدثاً مهماً، مثمنين الجهود التي يبذلها سموه، حفظه الله، وما تم التوصل إليه من نتائج من شأنها تعزيز العلاقات وترسيخها مع هذه الدول في شتى المجالات. ورحب القادة بنتائج الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، حفظه الله، إلى مملكة البحرين يومي 4 و5 جمادى الأولى 1431ه الموافق 18 و19 أبريل 2010م، ولقائه بأخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، حفظه الله، منوهين بروح الأخوة والتفاهم والثقة المتبادلة التي سادت أجواء اللقاء. وأشاد قادة دول المجلس بالتوجيه الكريم لخادم الحرمين الشريفين ببناء مدينة طبية تتبع جامعة الخليج العربي بالبحرين، بتكلفة تبلغ مليار ريال، بما يعود بالنفع على شعوب دول مجلس التعاون، مُعتبرين ذلك خطوة مُباركة من شأنها تعزيز أواصر التعاون بين البلدين الشقيقين، ودعم مسيرة العمل الخليجي المشترك، تحقيقاً للأهداف السامية لمجلس التعاون. وأشاد قادة دول المجلس بالقرار الاستراتيجي الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية بإنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، لما لذلك من أهمية في تأمين مصادر إضافية ومستقبلية للطاقة بكافة أنواعها والمحافظة على الثروة الناضبة لعقود وأجيال قادمة. ورحب القادة بتوقيع الاتفاق الإطاري بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة في الدوحة بتاريخ 23 فبراير 2010م، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار والاتفاق الإطاري بين حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة في الدوحة بتاريخ 18 مارس 2010م لحل النزاع في دارفور، برعاية كريمة من لدن حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، حفظه الله، مُعربين عن تقديرهم لما بذله سموه وحكومته الرشيدة من جهود خيرة أسهمت في التوصل إلى ذلك، ومُشيدين برعاية سموه لجهود اللجنة العربية الأفريقية الدولية المعنية بتسوية أزمة دارفور، معربين عن الشكر والتقدير لمبادرة سموه بالسعي لإنشاء بنك للتنمية في دارفور برأسمال قدره (2) مليار دولار يُشارك فيه من يريد من الدول والمنظمات، بهدف إعادة بناء ما دمره النزاع، ودفع عملية التنمية الدائمة في دارفور. وأشاد قادة دول المجلس بجهود حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، من خلال مشاركته في القمة الثلاثية التي جمعته في أسطنبول بتاريخ 9/5/2010 بكل من فخامة الرئيس السوري بشار الأسد، ودولة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وثمّن قادة دول المجلس تصديق حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم سلطان عمان، حفظه الله، على اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون، ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية (الأفتا)، التي تم التوقيع عليها بين الجانبين بتاريخ 29 جمادى الآخرة 1430ه الموافق 22 يونيو 2009م، معربين عن تقديرهم واعتزازهم بالجهود الكبيرة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في دعم مسيرة التعاون المشترك. وقدم الأمين العام تقريراً موجزاً عمّا تم إنجازه في مسيرة التعاون الاقتصادي المشترك منذ عقد الدورة الثلاثين للمجلس الأعلى في دولة الكويت في شهر ديسمبر الماضي، وما أصدرته الدول الأعضاء من قرارات تنفيذية لقرارات المجلس الأعلى، وما قامت به اللجان الوزارية بهدف تعزيز ما تحقق في مجالي الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة وزيادة استفادة مواطني دول المجلس منهما، وما اتخذ من خطوات نحو إقامة الاتحاد النقدي لدول المجلس ودخول اتفاقيته حيز النفاذ، وإنشاء المجلس النقدي وانعقاد الاجتماع الأول لمجلس إدارته وما اتخذه من قرارات، وسعيه لتحقيق ما أوكل إليه من قبل المجلس من مهام تمهيداً لإنشاء البنك المركزي لدول المجلس وإطلاق العملة الموحدة، وعن سير العمل في مشروع سكة حديد دول المجلس، والمشاريع التكاملية والاستثمارية المشتركة في مختلف المجالات. وقد عبّر القادة عن ارتياحهم لما تحقق في هذه المسيرة المباركة، ووجهوا اللجان الوزارية المعنية بمضاعفة الجهود وتذليل أية معوقات تحول دون تحقيق المزيد من استفادة مواطني دول المجلس من ثمرات التكامل الاقتصادي في مجالي الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وبالسعي حثيثاً لاستكمال متطلبات الاتحاد النقدي وإنجاز مشاريع التكامل المشتركة في البنية الأساسية وفي الاستثمارات المشتركة، لاسيما في التعليم والصحة، مؤكدين على السعي دوماً لتحقيق ما يصبو إليه مواطنو دول المجلس من تقدم ورخاء وتعزيز للتكامل الاقتصادي بين دول المجلس. وبحث القادة تطورات الأوضاع في المنطقة في ظل استمرار عوامل التوتر في قضية الجزر الإماراتية الثلاث وأزمة الملف النووي الإيراني وفلسطين والعراق والسودان والصومال وغيرها من القضايا التي تشهدها المنطقة. ففي ما يتعلق بالجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تحتلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أكد القادة مجدداً مواقف دول المجلس الداعمة لحق دولة الإمارات في اتخاذ كافة الإجراءات السلمية لاستعادة سيادتها الكاملة على جزرها الثلاث، داعين الجمهورية الإسلامية الإيرانية للاستجابة لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. وحول أزمة الملف النووي الإيراني، جدد قادة دول المجلس تأكيدهم والتزامهم بمبادئ مجلس التعاون الثابتة المتمثلة في احترام الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، مؤكدين على أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، ومرحبين بالجهود الدولية القائمة للتوصل إلى حل سلمي لأزمة الملف النووي الإيراني. وفي الشأن العراقي، أكد قادة دول المجلس على أهمية احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، معربين عن الأمل بأن تُسهم نتائج الانتخابات النيابية العراقية التي أجريت في شهر آذار (مارس) 2010 في تشكيل حكومة عراقية وطنية بعيداً عن الطائفية والعرقية والتدخلات الخارجية وذلك لإنجاح العملية السياسية وتحقيق المصالحة الوطنية ورسم مستقبل مشرق للعراق. وفي ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، عبّر القادة عن قلقهم البالغ من استمرار فرض الحصار الإسرائيلي الجائر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وقرار الحكومة الإسرائيلية بترحيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة الغربية، معربين عن الأمل بأن تسهم الجهود المبذولة لإحياء المفاوضات على المسار الفلسطيني بما في ذلك المباحثات غير المباشرة مع إسرائيل في بلوغ هدف السلام المنشود. واستنكر قادة دول المجلس التهديدات الإسرائيلية ضد سورية ولبنان، مؤكدين رفضهم التام لهذه التهديدات وللمحاولات الإسرائيلية المستمرة لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي الشأن السوداني، عبر القادة عن تضامنهم مع جمهورية السودان مشيدين بالجهود التي تبذلها الحكومة السودانية لحل مشكلة دارفور، مؤكدين دعمهم لوحدة السودان الشقيق. وعبّروا عن أملهم بأن تتضافر جهود الأطراف المعنية لحل أزمة دارفور والتجاوب مع المساعي القطرية في هذا الشأن. وفي الشأن الصومالي، حث قادة دول المجلس أطراف النزاع على تحقيق الوفاق الوطني والحفاظ على وحدة الصومال، مجددين دعوتهم لكافة الأطراف الصومالية لوقف أعمال العنف والتخلي عن كافة العمليات التي تعرقل جهود المصالحة الوطنية. ودعا القادة المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة الصومالية الشرعية، بقيادة شيخ شريف أحمد، وتقديم كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في الصومال. وفي مجال مكافحة الإرهاب، أكد القادة على مواقف دول المجلس الثابتة لنبذ العنف والتطرف والإرهاب، معربين عن تأييدهم لكل جهد إقليمي أو دولي يهدف إلى مكافحة الإرهاب، وشددوا على ضرورة تفعيل القرارات والبيانات الصادرة عن المنظمات والمؤتمرات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وفي مجال مكافحة القرصنة، أعرب القادة عن قلقهم من استمرار عمليات القرصنة البحرية في الممرات المائية في خليج عدن والبحر الأحمر وغيرهما، مؤكدين على أهمية تضافر الجهود وتكثيف التنسيق الإقليمي والدولي للتصدي لعمليات القرصنة.