رغم تأكيد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أن حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يجب أن يتحقق على أساس «دولتين للشعبين»، فإن إسرائيل تبدو غير آبهة برسائل واشنطن وتواصل رفض هذا الحل، إذ اعتبره رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو غير قابل للتطبيق في المستقبل المنظور طارحاً فكرة «الحكم الذاتي» عوضاً عنه، فيما دعا وزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان إلى تبني «النموذج القبرصي» القائم على «تبادل سكاني» وإقامة كيانين منفصلين، واحد لليهود وآخر للعرب. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس على لسان مراسلها السياسي المعروف بمصادره الوثيقة في مكتب رئيس الحكومة شمعون شيفر أن الأخير سيبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما في لقائهما في البيت الأبيض في الثامن عشر من الشهر الجاري أن حكومته تدعم منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في الضفة الغربية، وأنه يجب العمل تدريجاً من أجل بناء قاعدة التسوية الدائمة «من أسفل إلى أعلى»، في شكل يقود إلى بناء كيان يتطور في المستقبل إلى كيان يتمتع بالسيادة، على أن يتم تعريفه لاحقاً. وأشارت إلى أن خطة نتانياهو تقوم على ثلاث ركائز: سياسية وأمنية واقتصادية. وتابعت أنه سيقول لمضيفه إن المبادرات للحل السياسي التي طرحت في الأعوام ال16 الأخيرة (منذ اتفاقات أوسلو) لم تثمر حلاً وإنه لا توجد لدى إسرائيل أي رغبة بالسيطرة على حياة الفلسطينيين، «لكن قبل الحديث عن حل الدولة الفلسطينية ينبغي إرغام السلطة على الاعتراف بأن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي». وأضافت أن نتانياهو سيؤكد احترامه التزامات الحكومات الإسرائيلية السابقة واستعداده لإزالة البؤر الاستيطانية العشوائية غير القانونية «لكن يجب اتباع المقاربة ذاتها في معالجة البناء غير المرخّص لدى الفلسطينيين!». أما الخطة الأمنية، فتقضي بتوسيع خطة الإدارة الأميركية لتدريب عناصر الوحدات الأمنية الفلسطينية وزيادة عددها، على أن تتولى هذه الوحدات مسؤولية حفظ النظام وتطبيق القانون في مدن الضفة الغربية التي ستنسحب منها إسرائيل، فيما يقوم الجانب الاقتصادي على تقوية الاقتصاد الفلسطيني في الضفة من خلال تجنيد موارد هائلة من المجتمع الدولي. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سياسيين كبار قولهم إن إسرائيل ترفض ربط (معالجة الولاياتالمتحدة) الملف النووي الإيراني بالملف الفلسطيني، «وإنها ستعمل وفقاً لمصالحها ولن يخيفها أحد... وظهور الإسلام المتطرف الذي يهدد دولاً في الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم ليست له أي علاقة بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني». من جهته، يواصل وزير الخارجية ليبرمان جولته في أربع دول أوروبية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عنه قوله لنظيره الايطالي فرانكو فراتيني أول من أمس إن الحل الأمثل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يجب أن يقوم على أساس «نموذج قبرص»، أي «تبادل سكاني» يتم بموجبه ترحيل مئات آلاف الفلسطينيين من مناطق العام 1948 إلى مناطق العام 1967 في مقابل ضم نحو نصف مليون مستوطن يهودي في المناطق المحتلة العام 1967 مع مستوطناتهم إلى تخوم إسرائيل. ورأى أنه «عندما يتحقق نموذج قبرص عندنا، ويقوم كيانان منفصلان (واحد لليهود وثان للفلسطينيين) يمكن الحديث عن حل سياسي، وكل شيء قبل ذلك سيفشل». إلى ذلك، أفادت «يديعوت أحرونوت» أن الفلسطينيين رفضوا قبل أيام محاولات من أوساط نتانياهو لترتيب لقاء بين الأخير والرئيس محمود عباس قبل سفر نتانياهو إلى واشنطن. ونقلت عن أوساط سياسية إسرائيلية قولها إن الفلسطينيين يخشون من أن يمنح اجتماع كهذا نتانياهو انجازاً قبل سفره. وأضافت أن إسرائيل أحاطت الإدارة الأميركية علماً برفض الفلسطينيين عقد اللقاء. من جهته، أوصى وزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعالون رئيس حكومته باستكمال فك ارتباط إسرائيل عن قطاع غزة ليصبح انفصالاً تاماً يتمثل بإغلاق المعابر بين إسرائيل والقطاع والتوقف عن إمداد القطاع بالكهرباء والمياه والمواد الغذائية، والتوصل إلى تفاهمات مع مصر تقضي بأن يكون للفلسطينيين في القطاع مخرج واحد (معبر رفح)، وأن تمد مصر القطاع بالكهرباء والمياه والمواد الغذائية.