تأثّر علم الجيولوجيا الفيزيائيّة («جيوفيزياء») بالقفزة النوعية التي مثّلها تطوّر الأقمار الاصطناعيّة، إذ باتت تلك الأقمار قادرة على أن تقيس بدقة كبيرة حقل جاذبية الأرض فوق كل منطقة فيها، ما يتيح للجيوفيزيائيّين درس توزيع الكتل الوازنة الكبيرة تحت سطح الأرض. كما تظهر صور الأقمار الاصطناعيّة في شكل دقيق، الشكل الهندسي والجغرافي لكوكب الأرض ومواقع قاراتها، كاشفة بذلك مقدار زحف القارات، وأوضاع الألواح التكتونيّة في القشرة الأرضية. كذلك تتيح الأقمار الاصطناعية قياس الحقل المغناطيسي للأرض وتغيراته المحلية والشاملة، مع ما يعنيه ذلك من تغير في حركة المعادن الذائبة في القلب الحار للأرض. ولم يعد من شك لدى الجيوفيزيائيين في أن حقل الأرض المغناطيسي ينتج من دوران طبقة من الحديد السائل في جوف الأرض، حول نواة صلبة من الحديد المضغوط الشديد الحرارة في مركز الأرض. هذا الدوران يخلق تيارات كهربائية عظمى دائرية تولّد حقلاً مغناطيسياً قوياً يحيط بكوكب الأرض كالملاك الحارس. ويعتبر ذلك الحقل الذي ولد في كوكب الأرض بعد ملايين السنين من بدء تشكلها، أساسياً في نشوء الحياة وتطوّرها على الأرض، إذ يحمي الحقل المغناطيسي المخلوقات الحيّة على سطح الكوكب من خطر الأشعة الكونية ومن ريح الجزيئات الشمسية المشحونة. وتذكيراً، تعود أقدم صخور مغناطيسية عثر عليها في قشرة الأرض إلى 3.5 بليون سنة، أي بعد قرابة بليون سنة من تشكّل كوكب الأرض. ولا يزال الغموض يكتنف أموراً كثيرة تتعلق بمغناطيسية الأرض، وسبب تغيرها إلى حد الانقلاب في قطبية الحقل المغناطيسي بمجمله (راجع «الحياة» عدد 28 أيلول / سبتمبر 2014). وفي ذلك الصدد، يرى دومينيك غولت، وهو باحث في «معهد علوم الأرض» في مدينة غرينوبل الفرنسيّة، أن حركة التيارات الصاعدة من أسفل الطبقة المعدنية السائلة (الشديدة الحرارة لالتصاقها بقلب الأرض الصلب) نحو أعلاها، لا بد من أن تترافق مع ولادة تيارات كهربائية تصنع حولها حقولاً مغناطيسية تضاف إلى الحقل الرئيسي.