دخل الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف على خط جدل ساخن في روسيا حول دور الزعيم السوفياتي جوزف ستالين الذي وصفه بأنه «ارتكب جرائم لا يمكن ان تغتفر». وحذر من ان العالم «يمكن ان يشهد حروباً جديدة واسعة النطاق اذا لم تستخلص البشرية دروس الحرب العالمية». واعتبر مدفيديف في حديث نشرته أمس صحيفة «ازفستيا» الروسية ان «الدرس الأبرز الذي استخلصه شخصياً من تلك الحرب التي طاولت نارها أسرتي أيضاً واشترك فيها جداي، هو أنه ينبغي علينا جميعاً أن نسعى إلى نزع فتيل الحرب قبل اشتعالها... لذا تتمثل مهمتنا اليوم في إنشاء نظام متين لحفظ الأمن الدولي»، معرباً عن اسفه لأن نظاماً من هذا النوع مازال غائباً في العالم « بدليل أن نظام الحكم الجورجي لم ير ما يمنعه من الاعتداء على أوسيتيا الجنوبية في آب (أغسطس) 2008» . وشدد ميدفيديف على أنه من الضروري أن تبرز أقطاب عدة في العالم حتى يستطيع المجتمع الدولي حفظ سلامه وأمنه خصوصاً أن ما حدث في التسعينات من القرن الماضي في أوروبا والشرق الأوسط والقوقاز ومناطق أخرى، أظهر أنه ليس بمقدور أي تكتل أو حلف تحقيق هذه المهمة بنجاح في شكل انفرادي. لكنه اكد أن كلماته «لا تعني عزمنا على انشاء حلف جديد مماثل لحلف وارسو» لمواجهة حلف شمال الأطلسي «إذ نعرف أن تنافساً من هذا النوع يلازمه سباق تسلح مضن، أرهق الاتحاد السوفياتي وهدمه.. لكننا في المقابل يجب أن نحافظ على قدراتنا النووية الإستراتيجية وقواتنا المسلحة لتعزيز قدراتنا على حفظ أمننا». وفي أول مرة يتطرق فيها ميدفيديف منذ تسلمه السلطة إلى دور ومكانة الاتحاد السوفياتي السابق في العالم ، قال إن الدولة العظمى المنحلة «تمكنت من دحر عدو قوي وتهيئة الظروف لتطور أوروبا في ظل الحرية، وقدمت تضحيات كثيرة من أجل هذا، ثم سار الاتحاد السوفياتي على طريقه المحافظ مكبلاً نمو الاقتصاد، وخرج في النهاية من حيز الوجود من جراء ذلك. ولو هيأ الاتحاد السوفياتي الظروف المناسبة لتطور الفرد ونمو الاقتصاد لما لقي هذا المصير المأسوي». ومعلوم ان الرئيس السابق فلاديمير بوتين كان وصف انهيار الاتحاد السوفياتي بأنه «أكبر كارثة حلت بالعالم» في القرن الماضي، وتجنب طيلة فترة حكمه توجيه انتقادات الى السلطة السوفياتية. وسار ميدفيديف في حديثه أمس، خطوة أخرى لإظهار تميزه عن سلفه بمهاجمته ستالين واعتبار ان الحرب العالمية «انتصر فيها الشعب لا ستالين ولا القادة العسكريون». وجاء موقف ميدفيديف على هوى القوى الليبرالية في روسيا التي اثارت ضجة كبرى خلال الأسبوعين الأخيرين بعدما اعلن ممثلو لجنة المحاربين القدامى عن عزمهم رفع صور ستالين في العاصمة ومدن اخرى خلال الاحتفالات. وبلغت السجالات درجة من السخونة اجبرت عمدة العاصمة يوري لوجكوف على التراجع عن قرار سابق بتوزيع صور ستالين خلال الأعياد انطلاقاً من ان الأخير «جزء من التاريخ الروسي مهما اختلفنا على دوره». وكانت مجموعات ليبرالية ومنظمات يمينية شنت حملة على قرار لوجكوف الذي حظي بتأييد الشيوعيين ومنظمات المتقاعدين والمحاربين القدامى.