أعلن الرئيس محمود عباس في عمان امس ان المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل «لن تدخل في التفاصيل»، مضيفاً: «اذا رفض العرب شيئاً، لن نقدِم عليه». وكان عباس وصل الى عمان قادماً من القاهرة حيث صرح بأن التفاوض على الترتيبات الأمنية لن يسبق الحدود، فيما قالت مصادر فلسطينية مطلعة ل «الحياة» إن الرئيس حسني مبارك أبلغ عباس بأن الاسرائيليين يريدون عقد مفاوضات مباشرة وطرح قضايا الوضع النهائي. وأجرى عباس محادثات مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في عمان امس ركزت على الجهود المبذولة لتحريك العملية السلمية بهدف التوصل إلى سلام شامل على أساس حل الدولتين وفي سياق إقليمي شامل. وبحسب بيان للديوان الملكي، فإن الزعيمين استعرضا الجهود المبذولة لإطلاق مفاوضات تقريبية (غير مباشرة) كانت لجنة متابعة مبادرة السلام العربية أقرتها في اجتماعها مطلع الشهر الجاري. وجدد الملك عبدالله خلال اللقاء تأكيده «وقوف الأردن إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق والسلطة الوطنية الفلسطينية في سعيها الى تلبية حقوق الشعب الفلسطيني، خصوصاً حقه في قيام دولته المستقلة على ترابه الوطني والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل». وأطلع الرئيس الفلسطيني العاهل الأردني على نتائج جولته الأخيرة التي شملت الصين وعدداً من الدول العربية، وقال في تصريحات: «هذا اللقاء يأتي في إطار المشاورات في ما بيننا، خصوصاً ونحن مقبلون خلال أيام على لقاء المبعوث الأميركي جورج ميتشل وعلى اجتماع القيادات الفلسطينية، وبالتالي هناك مشاورات موسعة مع الملك عبدالله الثاني، وقبله كنا مع الرئيس حسني مبارك، وقبل ذلك مع خادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله بن عبد العزيز)، ثم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة (الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان). فكل هذا نوع من المشاورات للمرحلة المقبلة في المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل». وأضاف: «الآن لا نقدر أن نقول إن هناك موافقة أم لا... هناك موقف عربي، وهذا الموقف، طبعاً، هو توصية مهمة جداً. يوم السبت سيكون هناك لقاء للقيادة الفلسطينية التي ستقول كلمتها النهائية. بعد ذلك، سنبلغ ميتشل أننا جاهزون لبدء المفاوضات ولمناقشة قضايا المرحلة النهائية. وإذا كانت الأمور جرت بهذا الشكل، فإن شاء الله نكون توفقنا ومشينا في الخط الصحيح». وأكد عباس «أن التنسيق مع الجانب العربي هو تنسيق كامل، يعني كلما حصل حادث ضروري أو شيء مطلوب عليه جواب، تلتقي لجنة المتابعة العربية المكلفة هذه المواضيع. وبالتالي نحن حريصون على أن نضع أشقاءنا دائماً في الصورة، ونسمع رأيهم ونسمع منهم. يعني لو مثلاً أجمعوا على رفض شيء، نحن لن نقدم عليه». وعن محددات المفاوضات وان كانت إلى ما لا نهاية، قال: «قلنا أربعة أشهر مدة المفاوضات غير المباشرة، بعد ذلك سنعود إلى لجنة المتابعة العربية لنتشاور ونتدارس، وخلال هذه الفترة سيكون الحديث على قضايا المرحلة النهائية. لا حاجة للدخول في التفاصيل والأشياء الصغيرة لأننا اكتفينا منها في المحادثات سابقاً. سنذهب فقط ومباشرة إلى الحدود والأمن وغيرها من القضايا». عباس في القاهرة وكان الرئيس الفلسطيني وصل الى عمان قادماً من القاهرة حيث بحث مع الرئيس مبارك نتائج اللقاء الذي عقده الاثنين الماضي مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، وكذلك المفاوضات غير المباشرة التي من المقرر أن تنطلق في غضون الأيام القليلة المقبلة. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة ل «الحياة» إن مبارك دعا عباس إلى الحضور لإطلاعه على نتائج محادثاته مع نتانياهو، وأبلغه بأن الإسرائيليين يريدون عقد مفاوضات مباشرة وطرح قضايا الوضع النهائي. وأضافت أن عباس يرى أن القيادة الفلسطينية التي تمثلها اللجنة التنفيذية للمنظمة واللجنة المركزية لحركة «فتح»، هما صاحبتا القرار النهائي في اطلاق المفاوضات غير المباشرة، على رغم حصوله على توصية من اللجنة المتابعة العربية بقبولها. وأوضحت أن عباس «لن يعطي قراراً للمبعوث الاميركي جورج ميتشل بالإيجاب قبل الحصول على موافقة من القيادة الفلسطينية، وأن المفاوضات غير المباشرة ستتناول قضايا الحدود والأمن، ووضع خطوط نهائية لهاتين القضيتين، وإذا وجدنا أن الطريق ممهد للانتقال إلى المفاوضات المباشرة، ولم تكن هناك منغصات او ما يمنع الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، فقبل اتخاذ هذا القرار، سنعود لنتحدث مع لجنة المتابعة العربية أولاً لاتخاذ قرار في هذا الشأن». وقال عباس في تصريحات لإذاعة «مونت كارلو»، إن الترتيبات الأمنية لا تسبق الحدود، مضيفاً أنه «سبق أن اتفقنا مع الحكومة الاسرائيلية في عهد ايهود أولمرت ومع مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز على ترتيبات أمنية محددة بموافقة مصر والاردن لأنهما اصحاب علاقة». وأوضح أنه تم خلال هذه المحادثات الاتفاق على وجود طرف ثالث على الحدود شرط ألا يكون هناك وجود إسرائيلي. ونفى أن يكون الموقف الفلسطيني تراجع، وقال: «قبلنا بعد أن حصلنا على تعهدات أميركية»، من دون ان يكشف طبيعتها، مؤكداً عدم إمكان الذهاب إلى المفاوضات «ونكون عبثيين، بل يجب ان نكون جادين، فنحن أصحاب مصلحة، والاسرائيليون أظهروا للجميع من خلال مواقفهم السابقة أنهم غير مبالين». وتابع: «لذلك عندما جاء الأميركيون وقدموا لنا اقتراحاً جدياً (في اشارة إلى المفاوضات غير مباشرة)، قبلنا به فوراً». واتهم عباس الحكومة الاسرائيلية بأنها تتهرب من تعهداتها حتى لو كانت هذه التعهدات مكتوبة في اتفاقات، وضرب مثلاً على اتفاق عام 1995 الذي أكد ضرورة ألا يقوم أي طرف بأعمال أحادية الجانب من شأنها الإجحاف بقضايا الحل النهائي، وقال: «ملتزمون هذا منذ ذلك الوقت، لكنهم غير ملتزمين» (في اشارة الى الاستيطان). وكشف ان الاميركيين قالوا إن هناك التزاماً بألا تكون هناك أعمال استفزازية من أي طرف قد يقدم عليها، وقال: «نرى أن الاستيطان أمر يستفزنا جداً، وكذلك هدم البيوت وسحب الهويات، وهم (الاسرائيليون) يعتبرون التحريض مستفزاً لهم». وقال: «نحن على استعداد لتشكيل لجنة ثلاثية اميركية – اسرائيلية – فلسطينية من اجل بحث كل أشكال التحريض التي يقوم بها أي طرف من الاطراف»، مذكراً بأنه تم الاتفاق على تشكيل هذه اللجنة في واي ريفر. واستبعد امكان عقد لقاء مع نتانياهو، وقال: «لقاء نتانياهو مؤجل ولم يطرح»، موضحاً أن زيارته الولاياتالمتحدة تجيء تلبية لدعوة من الرئيس باراك اوباما، مضيفاً: «لا أعتقد أنهم في اميركا سيفاجئوننا بمثل هذه المفاجأة»، في اشارة إلى طلب عقد لقاء ثنائي مع نتانياهو. وعن مساعيه الى الحصول على غطاء عربي لكل قرار فلسطيني يتعلق بالمفاوضات، قال عباس: «للعرب حق (النقض) الفيتو، وأنا لست مع مقولة القرار الفلسطيني المستقل (... انه) يتناقض مع التشاور العربي لأن القضية الفلسطينية قضية عربية، والعرب أصحاب كلمة وحق، ونحن سننقل لهم كل ما يحدث معنا، وسنطلب منهم الرأي، وسنضعهم في الصورة وبالتفصيل الممل، ولن نخفي عنهم شيئاً». وعلى صعيد المصالحة الوطنية، ناشد عباس «قادة حماس في الداخل والخارج وكل مكان أن يأتوا إلى مصر للتوقيع فوراً على الورقة من دون وضع شروط وتعديل لأنها غير مقبولة منا اطلاقاً». وقال: «على حماس أن تقرر إن كان لديها قرار مستقل بعيداً من التأثيرات الاقليمية، وان تأتي لتوقع لأن مصلحتها الوطنية تتطلب منها ذلك، فعليها أن تسارع بالتوقيع لإنقاذ قطاع غزة من الحصار، فهو حبل النجاة الأول لها، ولإنقاذ الوحدة الوطنية». وأضاف أن المصالحة على جدول أعماله، و «نحن نتصل مع حماس ونلتقي بهم، وجاهزون للمصالحة فوراً عقب توقيعها على الورقة المصرية».