اجتاح الزامل الفضاء الفني اليمني، وبات في مثابة سلاح رئيس في «ترسانة» الدعاية الحربية لميليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. والزامل بيت من الشعر يرتجل عادة ويقال في الفخر والهجاء والصلح بين القبائل، وينتشر بكثرة في البيئة القبلية لمناطق شمال البلاد. ومنذ اجتياحها صنعاء في أيلول (سبتمبر) 2014، باتت الزوامل المصحوبة بإيقاعات حربية، صوتاً مهيمناً على المواد التي تبثّها وسائل الإعلام الحكومية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، كما باتت الفن المحبّب لشباب الميليشيا ومناصريها. وإضافة الى الزوامل التي تصدح بصوت التفاخر وتمجد القتال، يستخدم جهاز دعاية الميليشيا، قوالب لحنية لأغانٍ شهيرة بعدما بدّل كلماتها الأصلية بكلمات تذم الخصوم وتمجد الذات. وامتدّ تحوير الحوثيين الموروث الفني اليمني الى أغان تتعلق بمناسبات فرحة مثل عيدي الفطر والأضحى. وتنسب المصادر التاريخية إلى الدوشان دور الإعلام في المجتمع القبائلي المغلق. ويلفت الباحث محمد صالح الجمرة، الى وظائف مختلفة مارسها الدوشان، ومنها تحريض أفراد القبيلة على الحرب، واستثارة مشاعر المتردّدين في المشاركة في القتال. وجرت العادة أن يختار الدوشان مكاناً بارزاً في السوق ليعلن عن مناسبة أو حدث، مختتماً إعلانه بعبارة «الحاضر يعلم الغائب». وفي الحروب القديمة، كان الدواشين يتقدمون الصفوف حاملين الرايات. وأثناء حصار القبائل الموالية للإمام أحمد حميد الدين مدينة صنعاء العام 1948، كان الدوشان، وفق الجمرة، أول من تسلّق سور مدينة صنعاء لينصب عليه علم المملكة المتوكلية، معلناً انتصار الإمام على الانقلابيين. وينتمي الدوشان الى فئة الضعفاء، وهم أصحاب المهن المحتقرة اجتماعياً. وتقدَّم الثقافة التراتبية التقليدية للدوشان في صورة سلبية باعتباره مصدراً لذم من لا يدفع له المال. وينعت بعضهم الصحافي الذي يتخلى عن المهنية بالدوشان الذي يتميز بطلاقة اللسان وسلاطته، ما يجعل كثراً يراضونه بالمال ليأمنوا شره». وتقدم الزوامل الحوثية من تصفهم ب «المجاهدين»، ويُقصد بهم مقاتلو الميليشيا الانقلابية، في صورة القوة الخارقة التي تُهاب ولا تُغلب، يترافق هذا مع بث أخبار كاذبة في وقت اجتثت الميليشيا وسائل الإعلام المعارضة لانقلابها.