أكد رئيس مجلس أمناء مركز مكة الدولي للتوفيق والتحكيم، المستشار القانوني الدكتور فهد الشمراني، أن موافقة مجلس الوزراء على نقل مقر اللجنة الدائمة الخاصة بمراكز التحكيم السعودية إلى مجلس الغرف التجارية والصناعية بدلاً عن وزارة العدل، سيدعم منظومة التحكيم التجاري في المملكة، مشدداً على أن التحكيم يتيح للمحكمين حرية اختيار المذهب الفقهي الذي يرغبون في الاعتماد عليه خلال التحكيم. وأوضح أن القضاة قد يُفرض عليهم الالتزام بمذهب فقهي معين، وهو ما قد يوقع بعد المتنازعين في حرج التقيد به، مشيراً إلى آلية التحكيم تعدّ مخرجاً لهم في الاستفادة مما لدى المذاهب الفقهية بما يخدم القضية المتنازع فيها. وقال في حديث إلى «الحياة»: «فوائد الموافقة تتمحور في الدعم والتعزيز لمسيرة التحكيم التجاري في المملكة، ودعم مناخ الاستثمار وزيادة ثقة المستثمرين والسرعة في نفاذ الإحكام التي تنسجم مع طبيعة العمل في القطاع الخاص، كما أن التحكيم يشكّل مصدر اطمئنان للشركات متعددة الجنسيات التي لا ترغب في الخضوع إلى قوانين أجنبية لا تعرفها عند وقوع نزاع، فمن دون التحكيم لن تطمئن على مستقبلها التجاري فيما لو خضعت لقانون البلد غير المعروف بدقة، فقد يكون العقد محل النزاع باطلاً عند بعض الفقهاء، وهذا الرأي هو الذي يعمل به في المحكمة، وإبطال العقد يترتب عليه أضرار بالغة على الطرفين وغيرهما، ومن ثم فإن وجود التحكيم له فوائده في هذا الشأن». ولفت إلى أن تعزيز التحكيم التجاري جعله الخيار الأفضل لرجال الأعمال، وكذلك في حماية المنشآت السعودية في العقود الدولية، مبيّناً أن اللجنة الدائمة لمراكز التحكيم السعودي شُكلت بقرار من مجلس الوزراء وتضم ممثلاً من وزارة العدل ومن التجارة وهيئة الاستثمار، وثلاثة يختارهم مجلس الغرف وثلاثة يُختارَون بالاتفاق بين وزيري العدل والتجارة، ومهمتها وضع معايير المحكمين والموافقة على إصدار تراخيص بإنشاء مراكز تحكيم، كما تضع معايير استرشادية لتحديد أتعاب المحكمين. وأشار إلى الأدوار الجديدة التي أضافها مجلس الوزراء، مثل إعداد قائمة بأسماء المحكمين في المراكز التي يرخص لها ويمكن للأطراف المعنية الاطلاع عليها والاختيار منها أو من غيرها، وأن يكون تشكيل مجلس إدارة المركز السعودي للتحكيم التجاري بقرار من مجلس الغرف السعودية بالتنسيق مع اللجنة الدائمة بدلا من أن يكون ذلك بالتنسيق مع وزيري العدل والتجارة والصناعة، منوّهاً إلى أن أعضاءها الحاليين معينون وليسوا منتخبين، وعددهم 9 أعضاء. وأضاف: «هناك مزايا للتحكيم تكون بديلاً عن القضاء، أبرزها الإسراع في فض النزاع؛ لأن المحكمين يكونون عادة متفرغين للفصل في الخصومة، فيتيسر لهم البدء فوراً في إجراء التحكيم وإنهائه في وقت أقصر بكثير، مما يتم في المحاكم، كما أن الخسائر المالية التي يتكبدها أطراف النزاع تفوق بكثير أجرة إقامة اثنين من المحكمين، ويُنهى النزاعُ خلال مدة وجيزة، وذلك مثل مجمع سكني كبير يجري حوله نزاع، ويخسر الطرفان خسارة كبيرة بسبب تعطل العمل وبطء إجراءات المحكمة الشرعية المشغولة بالعديد من القضايا، وفي التحكيم يكون الإنجاز أسرع بكثير». وأفاد بأن نقل المقر يسهم في الحفاظ على علاقات إيجابية بين التجار، مشيراً إلى أن روح الاعتدال في التحكيم يؤدي إلى فصل المنازعات والخصومات في المجتمع، ومن ثم تقل القضايا المرفوعة لدى القضاة، كما يتيح للمتنازعين فرصة اختيار محكمين ذوي تخصص دقيق في موضوع النزاع، وإتاحة السرية في المعاملة المتنازع عليها؛ إما لكون العقود تتضمن أموراً سرية أو لكون الطرفين لا يرغبان في معرفة الآخرين بوجود نزاع بينهما، مضيفاً: «التحكيم يتيح للناس فرصة اختيار مكان التحكيم، فبعض الناس لا يرغب في الذهاب إلى المحاكم لأسباب مختلفة، منها كثرة المراجعين أو بعد مكانها وغيرها من الأسباب».