أظهرت لقاءات غير رسمية جرت أخيراً بين وفدين من حركتي «حماس» و «فتح» وجود أرضية سياسية للمصالحة والاتفاق، لكن الصراع على السلطة بين الحركتين ما زال يشكل عقبة كبيرة تحول دون إنهاء الانقسام. وكشفت مصادر قريبة من هذه اللقاءات التي شارك فيها من «حماس» كل من رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل وموسى أبو مرزوق وصالح العاروري وأسامة حمدان، ومن حركة «فتح» كل من قدورة فارس ومحمد الحوراني وأحمد غنيم، أن الطرفين صاغا «ورقة غير رسمية تشكل برنامجاً سياسياً ونضالياً للمرحلة المقبلة، وتتيح تشكيل حكومة وحدة وطنية تحضّر لإجراء انتخابات عامة قريبة». وأشارت إلى أن اللقاءات التي عقدت تباعاً في الدوحة وإسطنبول توصلت إلى «اتفاق على اللجوء إلى المقاومة الشعبية السلمية غير المسلحة، وإقامة حكومة وحدة وطنية، يتبعها إجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية، ومشاركة حماس في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل مجلس أمن وطني، ووقف الحملات الإعلامية». ووافقت قيادتا الحركتين على دعوة وجهها أمير قطر لعقد لقاء قريب في الدوحة. ومن المقرر أن يلتقي الوفدان نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل. ويقول مسؤولون في «فتح» إنهم «غير متفائلين كثيراً» بحدوث اختراق في جولة الحوار المقبلة. وأوضح مسؤول رفيع في الحركة أن «العوائق التي حالت دون إنهاء الانقسام ما زالت قائمة حتى الآن، وتتمثل في إصرار حماس على السيطرة الأمنية على قطاع غزة». وأضاف أن «حماس ما زالت تسيطر على قطاع غزة، خصوصاً على أجهزة الأمن والمعابر، وهي توافق على كل شيء بشرط أن يبقي على هذه السيطرة في موقعها... ما لم توافق حماس على وحدة السلطة وعلى تسليم الأمن والمعابر والضرائب وغيرها للحكومة فإن الانقسام سيظل قائماً». ويرى المسؤولون في «فتح» أن «حماس» بادرت إلى جولة الحوار الأخيرة غير الرسمية، «مدفوعة بأزمة مالية خانقة» تعاني منها إدارتها في قطاع غزة، وأن «موقفها الحقيقي من إدارة القطاع لم يتغير». وتعاني «حماس» من أزمة مالية منذ إقدام مصر على إغلاق الأنفاق عقب إطاحة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في العام 2013. وبحسب وزارة المال في القطاع، فإن إيرادات الحكومة الشهرية تتراوح بين 50 و55 مليون شيكل في حين تصل مصاريفها إلى ما بين 150 و155 مليون شيكل، منها 130 مليون شيكل رواتب وما بين 25 و30 مليون شيكل مصاريف جارية. ويبلغ عدد موظفي حكومة «حماس» في غزة 43 ألفاً منهم 38 ألف موظف رسمي، فيما يعمل الآخرون بعقود شهرية. ولجأت «حماس» التي تدفع لموظفي الحكومة في القطاع 40 في المئة فقط من قيمة رواتبهم، أخيراً إلى رفع الرسوم على استيراد مختلف السلع إلى القطاع، وعلى توسيع شريحة دافعي الضرائب في محاولة منها لمواجهة الأزمة المالية الحادة. ويؤكد مسؤولون في «حماس» أنهم يسعون إلى «شراكة سياسية» مع «فتح» وليس «تسليم» قطاع غزة لها. وقال مسؤول رفيع في الحركة: «نحن لا نتوقف عن المبادرة إلى إنهاء الانقسام، لكننا نريد شراكة في السلطة وفي المنظمة». وأضاف أن «إنهاء الانقسام يجب أن يأخذ في الاعتبار الموظفين الذين يعملون في قطاع غزة على رغم توقف رواتبهم، فلا يعقل معاقبتهم على بقائهم في خدمة شعبهم». ولفت إلى أنه «يمكن للحكومة إدارة معبر رفح على سبيل المثال، ويمكنها أن تجلب موظفين جدداً إلى المعبر، لكن ليس من المعقول ولا المقبول طرد الموظفين الحاليين... وكذلك الأمر بالنسبة إلى أجهزة الأمن التي لا يمكن إلغاؤها وإحضار أجهزة بديلة. يجب على الحكومة تولي إدارة هذه الأجهزة بدل حلها واستبدالها».