صرح رئيس حكومة التوافق الوطني «الفلسطينية» الدكتور رامي الحمد الله بأن مقترحًا يتم تداوله حاليًا بين الحكومة والمؤسسات الدولية يقضي بإشراف الأممالمتحدة على إعمار قطاع غزة وصرف رواتب الموظفين الذين وظفتهم حركة «حماس» منذ العام 2007 بعد سيطرتها على قطاع غزة المحاصر. وقال للتلفزيون الفلسطيني: إن الموافقة على صرف رواتب موظفي حماس يجب أن تكون دولية بموافقة «إسرائيل» والولايات المتحدة، لأسباب مرتبطة بإدراج الدول الغربية حماس في قائمة المؤسسات (الإرهابية). وأضاف إن البنوك العاملة في قطاع غزة ترفض صرف أي شيكل إلى موظفي غزة تجنبًا لأي عقوبات ومقاطعة دولية قد تتعرض لها، هناك بنوك عاملة في فلسطين لديها قضايا ومحاكم في نيويورك مرتبطة بتمويل الإرهاب (يقصد البنك العربي). يذكر أن نسبة من رواتب الموظفين العموميين في الضفة الغربية وقطاع غزة، قد صرفت أول أمس على أن يتم صرف بقية رواتب الموظفين يوم الأحد المقبل دون أن تشمل رواتب الموظفين الذين عينتهم حكومة حماس، ويتراوح عددهم 42- 45 ألف عامل وموظف، وتبلغ فاتورة رواتبهم الشهرية قرابة 50 مليون دولار، وهي أموال ستضاف إلى موازنة الحكومة في حال تم حل مشكلة صرف الأجور، التي لم يحصلوا عليها منذ شهر أيار/ مايو الماضي. في المقابل دعا الدكتور خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» حكومة التوافق الوطني إلى البدء بإجراءات بناء الميناء البحري والمطار الجوي، وإذا ما واجهت أي اعتراض من الاحتلال فالمجتمع الدولي والعالم أمامها. وأشار إلى أن حركته قدّمت مساعدة مالية عاجلة لكل الأسر التي هدمت بيوتها من باب «المسؤولية الوطنية» 2000 دولار من أجل أن تعينهم على استئجار شقق أو غيره، مطالبًا حكومة التوافق الوطني بقيام بدورٍ مسؤول من أجل سرعة إيواء هؤلاء الناس. وحول حديث الرئيس محمود عباس عن وجود حكومة ظل في غزة، قال: «لا يوجد في غزة سوى موظفين ووكلاء يعملون بكل طاقتهم من أجل حماية شعبهم وخدمته»، متسائلًا: «هل مطلوب أن يتوقفوا عن عملهم حتى تنهار غزة في ظل عدوان صهيوني شرس؟». وقد دخل الانقسام بين حركتي فتح وحماس مرحلة جديدة عقب الحرب على غزة، وعلى نحو يبدو أنه سيؤثر سلبًا في إعادة إعمار ما دمرته الحرب في القطاع. وقال مسؤولون في فتح: إن الحركة توقفت مطولًا في الاجتماعات الأخيرة عند التطورات التي سبقت الحرب وتلك التي رافقتها وأعقبتها، وقررت في ضوئها مراجعة مجمل العلاقة مع حماس، بما فيها اتفاق المصالحة الذي قام على تشكيل حكومة التوافق. وقال مسؤول أمني رفيع في الضفة الغربية: إن قيادة المؤسسة الأمنية درست اعترافات أعضاء حماس، وتبين لها أن الحركة شكلت مجموعات عسكرية بهدف شن عمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية من داخل الضفة الغربية (مناطق السلطة الفلسطينية)، ليقوم الجيش الإسرائيلي باستهداف هذه المناطق وأجهزة السلطة ومؤسساتها، على غرار ما حدث في الانتفاضة الثانية، ما يؤدي إلى خلق فوضى أمنية تؤدي إلى انهيار السلطة. ووجه الرئيس محمود عباس لومًا شديدًا لقيادة حماس لدى اجتماعه بها في الدوحة على هذه الخطط. وقررت القيادة الفلسطينية في ضوء هذه التطورات عدم دفع رواتب موظفي القطاع العام في قطاع غزة الذين عينتهم حكومة حماس المستقيلة، وإعادة الحوار من جديد مع حماس. وقال مسؤول رفيع في فتح: إن حماس تريد للسلطة دورًا شكليًا في قطاع غزة هو إدارة المعابر ودفع رواتب الموظفين، بينما تريد هي مواصلة حكم غزة من خلال أجهزة الأمن التي تسيطر عليه، ولجنة تضم وكلاء الوزارات المختلفة. وقال عضو اللجنة المركزية للحركة الدكتور محمد إشتية: «أنت لا تستطيع أن تقول للحكومة: ادفعي الرواتب فقط وأنا (أي حماس) سأتولى إدارة البلد، فالحكومة إما أن تفعل كل شيء أو لا شيء». وحددت فتح أربعة محاور للحوار المقبل مع حماس هي: دور حكومة الوفاق الوطني في غزة، ومن يمتلك قرار الحرب والسلام، والبرنامج السياسي المشترك، وإنهاء الانقسام. وقال إشتية: «هل يمكن لفصيل سياسي أن يقرر وحده خوض الحرب مع إسرائيل، وهل يمكن لفصيل سياسي أن يعقد اتفاق سلام مع إسرائيل، هذه مسائل وطنية كبرى في حاجة إلى قرار جماعي، ويجب الاتفاق عليها». ويتوقع أن يؤدي الخلاف الكبير بين فتح وحماس على دور الحكومة في إعادة إعمار قطاع غزة، إلى إعاقة إعمار ما دمرته الحرب. ففيما ترى فتح أن الحكومة هي الجهة الوحيدة التي تقوم بإعادة الإعمار، تطالب حماس بتشكيل هيئة وطنية عليا للإشراف على هذه العملية. وترفض فتح هذا الطلب وتعتبره محاولة من حماس لإيجاد موطأ قدم في إعادة الإعمار، وهو ما ترفضه الدول المانحة. وكان الرئيس عباس حذر في مقابلة مع تلفزيون فلسطين من انهيار حكومة الوفاق الوطني في حال تدخل حماس في المساعدات الخارجية القادمة لغزة وفي إعادة إعمار القطاع. أما حماس فتقول: إنها لن تقبل التعرض للتهميش في غزة، وأن على السلطة الاعتراف بدورها ومكانتها التي تعززت بعد الحرب، إذ أظهرت استطلاعات الرأي المحلية أن الحركة ستفوز في انتخابات تجرى في هذه الفترة. وستعقد الدول المانحة اجتماعًا لها في مصر لبحث إعادة إعمار قطاع غزة. وتقول مصادر ديبلوماسية غربية: إن اتفاقًا بين فتح وحماس على تولي الحكومة الفلسطينية إدارة عملية إعادة الإعمار شرط ضروري لتقديم الدول الغربية المساعدات المالية الكبيرة المطلوبة لهذا الغرض. وتشير دراسات أولية متطابقة إلى أن إعادة بناء ما دمرته الحرب في قطاع غزة يتطلب بين 5-6 بليون دولار، ويستغرق خمس سنوات على أقل تقدير. وبينت الدراسات أن إزالة ركام البيوت والمباني المدمرة سيستغرق عامًا كاملًا في حال توافرت المعدات اللازمة لذلك. وقال إشتية في بيان صحفي تفصيلي: رُصد مبلغ 450 مليون دولار للحاجات الإغاثية العاجلة، وقدرت الخسائر المباشرة وغير المباشرة للعدوان الأخير ب4.4 مليار دولار، في حين وضعت ميزانية بقيمة 3.02 مليار دولار للحاجات التنموية، بما يشمل الميناء ومحطة تحلية المياه وغيره. وأضاف إشتية إن المهندسين قدروا خمس سنوات لإعادة إعمار قطاع غزة وتنميتها، ومن ومتطلباتها الأساسية رفع الحصار كليًا وفرض سلطة السلطة في غزة وتدفق أموال المانحين بأسرع وقت. وقال: إنه من المأمول إن يقدم مؤتمر المانحين الذي سيعقد الشهر القادم في مصر دعمًا سخيًا لإعمار غزة، مضيفًا: «قدم المانحون خلال السنوات الماضية، وتحديدًا منذ قيام السلطة نحو 26 مليار دولارًا». مشيرًا إلى أن معظم أموال المانحين ذهبت لدعم الخزينة، بسبب العجز المتراكم فيها. ولفت إلى ضرورة ربط عملية إغاثة سكان القطاع بعملية إعادة الإعمار بعملية التنمية لضمان الاستفادة من الأموال التي ستقدم لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار بما يخلق تنمية مستدامة تعالج مشاكل البطالة والفقر في القطاع. وقال: إن التقرير الذي أعده 18 مهندسًا وجميعهم من غزة قدر كمية الركام جراء العدوان على غزة ب1.8 مليون طن، ووضع مجموعة حلول للتخلص منه كإعادة استخدامه في الإعمار بعد تدويره أو توسيع رقعة القطاع بطمر مساحة محددة من البحر.