تحاول دول الاتحاد الأوروبي إصدار قوانين تساعدها في السيطرة على قضية اللاجئين التي باتت تهدد أمنها وتثير استياء شعوبها، إذ وصل خلال كانون الثاني (يناير) الجاري، نحو 37 ألف مهاجر إلى أوروبا، وهو ما يعادل 10 أضعاف أعداد المهاجرين في الشهر نفسه من العام الماضي، وبلغ عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم في مياه البحر المتوسط 158 شخصاً منذ بداية العام الحالي. لكن دول الإتحاد الأوروبي منقسمة بشدة حيال كيفية الاستجابة للأزمة، إذ قامت دول مثل ألمانيا وفرنسا والسويد والنمسا بفرض رقابة طارئة على الحدود، بموجب الصلاحيات الخاصة التي أعطاها الاتحاد لهذه الدول، والتي تنتهي في أيار (مايو) المقبل. وفي ألمانيا، تعتزم السلطات في ولايتين تجريد اللاجئين من مدخراتهم، شأنها شأن سويسرا والدنمرك، تاركة مبلغاً مالياً صغيراً معهم، ونقلت صحيفة «بيلد» الألمانية، عن وزير داخلية ولاية بايرن يواخيم هيرمان، قوله إنه «بالإمكان مصادرة الأموال التي يحملها اللاجئ إن تجاوزت 750 يورو»، أما في ولاية بادن فورتمبرغ، فيصبح الحد الأعلى من الأموال التي يحق للاجئ امتلاكها، هي 350 يورو (نحو 400 دولار)، ما يجعل مبلغ 1000 دولار الذي تسمح السلطات السويسرية للاجئين بالاحتفاظ به سخياً، علماً بأن القانون الألماني يسمح بمعاملة طالبي اللجوء مثل المستفيدين من المعونات الحكومية، لكن يجب عليهم في البداية استهلاك ما يملكونه من مال، بما فيها مجوهرات العائلة. وفي إطار الجهود المبذولة لوقف الاعتداءات والتحرشات الجنسية التي ظهرت في مدينة كولونيا في ألمانيا وفي مناطق أخرى في أوروبا، واُتهم طالبو اللجوء بارتكابها، بدأت النرويج بإعطاء حصص دراسية لتعليم الطلبة البالغين من الذكور المهاجرين السلوك الجنسي السليم، وخصوصاً العرب منهم والقادمين من شمال أفريقيا، ويؤخذ بالاعتبار في هذه الدورات الخلفية الثقافية والدينية للاجئين. ومن المفاهيم التي يتم تكريسها هي أن ضيق الملابس لا يعطي الحق في الاغتصاب أو التحرش، بحسب ما ذكرت صحيفة «إكسبرس» البريطانية. من جهة ثانية، تداولت وسائل الإعلام العالمية إجبار اللاجئين في بريطانيا على ارتداء أساور ملونة تحدد هويتهم حتى يتسنى لهم الحصول على وجبات يومية مجانية، لكن سرعان ما تراجعت السلطات عن هذا الإجراء الذي وصف بالعنصري والنازي، والذي سبب إهانة كبيرة للمهاجرين. ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من طلاء منازل طالبي اللجوء في شمال بريطانيا باللون الأحمر، وهي الخطوة التي أثارت ردود فعل غاضبة في أوساط اللاجئين الذين عبروا عن مخاوف من أن تفضي تلك الخطوة إلى تعرضهم لاعتداءات عنصرية من قبل مناهضي اللاجئين بالبلاد، فيما وصفها البعض بأنها إجراء نازي. في الوقت ذاته، يدرس رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون خططاً للسماح بدخول الأطفال المهاجرين من دون ذويهم إلى المملكة المتحدة خلال أسابيع، إذ قال مكتب رئاسة الوزراء إنه يدرس بجدية دعوات الجمعيات الخيرية التي تقودها منظمة «أنقذوا الأطفال»، التي تطالب بريطانيا بالسماح بدخول أكثر من ثلاثة آلاف من الأطفال غير المصحوبين بذويهم، ممن وصلوا إلى أوروبا من دول عدة بينها سورية وأفغانستان، ويقعون تحت طائلة خطر الوقوع فريسة لمهربي البشر، بحسب ما نقلت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية. في سياق متصل، لما يعانيه اللاجئون من تمييز، أعلن ملهى ليلي في الدنمارك، في 19 كانون الثاني (يناير) الجاري، أنه يرفض إدخال اللاجئين الذين لا يتكلمون الإنكليزية أو الدنماركية أو الألمانية، مبرراً ذلك بالاعتبارات الأمنية، الأمر الذي انتقدته منظمة «العفو الدولية» وأثار ردود فعل كثيرة في الدنمارك. من جهتها، قالت الحكومة الكندية أنها لن تطالب اللاجئين السوريين بتسديد تكاليف قدومهم إلى كندا وفقاً لبرنامج القرض الذي تمنحه الحكومة الكندية للاجئين، وينص هذا البرنامج على أن اللاجئ إلى كندا تدفع له الحكومة قرضاً من أجل الإنفاق على وكالات الهجرة في استكمال إجراءات التقديم والفحص الطبي، وصولاً إلى تذاكر السفر والتنقل بين المطارات حتى يصل إلى كندا، ويقوم البرنامج بتقسيطها على اللاجئ على شكل قسط شهري بسيط يدفعه كل شهر لسنوات عدة، في وقت طالبت فيه مدن كندية عدة في 20 كانون الثاني (يناير) الجاري، من الحكومة الفيديرالية تعليق وصول اللاجئين السوريين، قائلة إنها غير قادرة على تأمين مساكن مناسبة لهم مع فصل الشتاء. في المقابل، شددت «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» و«صندوق الأممالمتحدة للسكان» و«مفوضية اللاجئات» في تقرير مشترك صدر في 21 كانون الثاني (يناير) الجاري، على أن النساء والفتيات اللاجئات والمهاجرات المتنقلات في أوروبا يواجهن خطراً كبيراً بالتعرض للعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، إذ يشكل الأطفال والنساء 55 في المئة من أولئك الذين يصلون عن طريق البحر إلى أوروبا.