حددت محكمة جنايات المنيا (جنوبالقاهرة) 28 نيسان (أبريل) المقبل للنطق بالحكم على 682 من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي يتقدمهم مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع بتهمة قتل رجال شرطة، غداة إصدار المحكمة نفسها قراراً بإحالة أوراق 528 على مفتي البلاد تمهيداً لإعدامهم بتهمة قتل شرطيين اثنين، وهو الحكم الذي أثار انتقادات واسعة داخلياً وخارجياً تواصلت أمس. وجاء قرار المحكمة أمس رغم امتناع هيئة الدفاع عن المتهمين عن الحضور احتجاجاً على أحكام أول من أمس، إضافة إلى غياب مرشد «الإخوان» الذي يقبع في سجن طرة على أطراف القاهرة على ذمة قضايا عدة «لظروف أمنية». لكن المحكمة أصرت على الاستماع إلى شهود الإثبات في القضية قبل أن ترفع الجلسة للاستراحة، لتعود بعدها لتعلن إرجاء القضية إلى 28 الشهر المقبل للنطق بالحكم، وهو اليوم نفسه الذي حددته للنطق بالحكم في حق 528 متهماً أحالت أوراقهم أول من أمس على المفتي. وكانت النيابة وجهت إلى بديع و681 من أنصار «الإخوان» تهمة «قتل رجال شرطة عمداً والتجمهر وتكدير السلم العام في مركز العدوة التابع لمحافظة المنيا (صعيد مصر) عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة». وكانت المنيا شهدت أعمال عنف واسعة النطاق عقب فض اعتصامي «الإخوان» في 14 آب (أغسطس) الماضي، إذ تم اقتحام وحرق وسرقة ونهب مراكز شرطة وكنائس ومنشآت حكومية. واعتبر الناطق باسم هيئة الدفاع عن موقوفي «الإخوان» محمد طوسون أن قرار المحكمة أمس «باطل ومنعدم». وقال ل «الحياة» إن «القانون يحظر السير في القضية والاستماع إلى الشهود في ظل غياب هيئة الدفاع، ناهيك عن عدم تمكن أجهزة الأمن من إحضار متهمين قيد السجن». وكشف أن هيئة الدفاع «تعتزم الطعن بلا شك» على الحكم بحق 528 أحيلوا على المفتي تمهيداً لإعدامهم عقب صدور الحكم في 28 الشهر المقبل. وكان قرار محكمة جنايات المنيا بإحالة أوراق 528 متهماً بالقتل على المفتي تمهيداً لإعدامهم أثار ردود فعل داخلياً وخارجياً. وانتقد رئيس حزب «النور» السلفي يونس مخيون الحكم. وقال: «لا أريد التعليق على الحكم القضائي، فهذا مجاله ساحة القضاء وسبل الطعن على الحكم معلومة قانونياً، لكن أنبه إلى أن العدل أساس الملك وركيزة الأمن والسلم المجتمعي وعدم مراعاة ذلك يُؤدي إلى اهتزاز هذه الركيزة وربما انهيارها». ورأى مخيون في بيان أنه «لا يمكن فصل الأحكام القضائية عن الظروف المحيطة بها، فالقاضي جزء من المجتمع وهو أحرص الناس على استقراره. لكن لا نريد أن ندفع بفصيل من المجتمع تحت دعوى الردع إلى حال من اليأس المؤدي إلى مزيد من العنف والصدام والانتقام». واعتبر أن «الحكم على هذا العدد الكبير بالإعدام في جلسة واحدة كان صادماً لمشاعر المصريين، فهي سابقة لم تحدث من قبل وفي أخطر الحوادث التي شهدتها البلاد، كما كان صادماً مقتل 36 من جماعة الإخوان بصورة مؤلمة في سيارة الترحيلات ولم ير الناس قصاصاً شافياً. من حقنا أن نستوضح هل من المتصور أن يكون هذا العدد الكبير قد باشر وشارك فعلياً في قتل شخص واحد». ونبه إلى «تأثير هذا الحكم على سمعة مصر عالمياً وتبعاته سياسياً واقتصادياً، وتأثيره على خريطة المستقبل وتبعاته على القائمين على أمر البلاد». ولفت مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في بيان أمس إلى أن قرار المحكمة المصرية «يتنافى مع القانون الدولي»، مبدياً قلقه على آخرين يواجهون التهم نفسها. وقال الناطق باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة روبرت كولفيل في إفادة صحافية في جنيف إن «الحكم الجماعي بالإعدام بعد محاكمة مليئة بالمخالفات الإجرائية خرق للقانون الدولي لحقوق الإنسان». وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن قلقها الشديد. وقالت في بيان: «تلقيت بأقصى درجات القلق الشديد الحكم بالإعدام على 528 من أعضاء الإخوان... مهما كانت خطورة الجرائم التي دينوا على أساسها، فإن حكم الإعدام لا يمكن أن يبرر على الإطلاق». وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي «يعارض عقوبة الإعدام تحت أي ظرف كان لأنها قاسية وغير إنسانية ولا تشكل رادعاً فعالاً وتمثل نكراناً غير مقبول لكرامة الإنسان». ودعت السلطات المصرية إلى «العمل بالتوافق مع القوانين الدولية كي يحظى المتهمون سريعاً بمحاكمة عادلة قائمة على اتهامات واضحة وتحقيق صحيح ومستقل، وليكونوا قادرين على الاتصال بمحاميهم وعائلاتهم». وأمام ردود الفعل الغاضبة، سعت وزارة العدل إلى التقليل من حدة الحكم. وأشارت إلى أنه «فور ورود رد المفتي على أوراق القضية، فللمحكمة الحق في تأييد قرارها أو العدول عنه». وأوضحت في بيان أن معظم المتهمين «تمت محاكمتهم غيابياً أمام محكمة جنايات عادية وليس أمام قضاء استثنائي. وفي حال محاكمتهم حضورياً، فلهم الحق في المثول أمام المحكمة، ومن واجب المحكمة السماع إليهم وتكوين عقيدة خاصة وإعادة نظر الدعوى وإجراءات التقاضي المتعلقة بهم مرة أخرى أمام ذات المحكمة». ولفتت إلى أن «من حق جميع المتهمين في حال صدور حكم بمعاقبتهم بالإعدام أو السجن المؤبد أن يطعنوا على هذا الحكم أمام محكمة النقض، كما أن من حق النيابة العامة بدورها الطعن على الحكم حتى ولو لم يتم الطعن عليه من قبل المتهمين، وفي هذه الحال من حق محكمة النقض إما أن تنقض الحكم وتعيده إلى دائرة أخرى من دوائر محاكم الجنايات للنظر في القضية من جديد أو أن تؤكده. وحتى في حال إصدار الدائرة الجديدة الحكم نفسه، فيمكن للمتهمين للمرة الثانية أن يطعنوا على الحكم مجدداً بطريق النقض، وتتصدى محكمة النقض للفصل في القضية». ورأت أن «أحد المبادئ الأساسية لأي نظام ديموقراطي هو مبدأ الفصل بين السلطات والتأكيد على استقلالية القضاء، وعدم تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية، وأيضاً عدم جواز التعقيب على أحكام القضاء بتاتاً، سواء من جانب أطراف داخلية أو أطراف خارجية أياً كانت، باعتبار أن ذلك يمثل مساساً باستقلال القضاء».