تقاليد «فودو» لإبعاد الشرورعن ولاية لويزيانا الأميركية، والموروثة عن الأفارقة الذين حلوا على شواطئها في القرن السادس عشر، خذلت «طفلة الميسيسيبي» مرة أخرى أمس مع وصول البقعة النفطية المتأتية من انفجار منصة «بريتيش بتروليوم» الى سواحلها، لتنذر بكارثة بيئية وسياحية على مدن الولاية المترنحة حتى اليوم بين ويلات أعاصير «كاترينا» و»غوستاف» وفيضانات الخريف. لويزيانا، الولاية الأميركية الجنوبية والجامعة لمزيج حضاري عرفته خلال الاستعمار الإسباني والبريطاني والفرنسي، لم تأخذ الا القليل من حظ مكتشفها الذي اعطاها اسم الملك لويس الرابع عشر (1643). وطبيعتها البحرية التي تعتبر المورد الأساسي لاقتصادها، من مرافئ وثروة بحرية وحضور سياحي لافت في الجنوب الأميركي، تحولت الى لعنة أتلفت أحياءها في السنوات الأخيرة. فبعد اعصار «كاترينا» في العام 2005 والذي أغرق مدينة نيو أورلينز وشرد مئات الآلاف وأغرق 1500 شخص، جاء اعصار «غوستاف» في 2008 ليرد الصاع صاعين، ويطرح علامات استفهام حول مدى استمرار العيش في ولاية موسيقى «الجاز» و»البلوز»، وذات الإرث الممتزج بين أقلياتها الأفارقة والهنود الأصليين والمهاجرين الجدد من أميركا اللاتينية. فرح سكان لويزيانا بفوز فريق «ساينتس» في مدينة نيو أورلينز، وللمرة الأولى في بطولة كرة القدم الأميركية هذه السنة، وأملوا بأن «اللعنة» تحطمت، وأن تقليد ال»فودو» الذي ينطوي على تعليق السناسل على الشبابيك ووصد الأبواب بمكانس القش «طرد الشرور». لكن كارثة «البقعة النفطية» التي وصلت امس الى سواحل الولاية طردت هذا الأمل وأعادت الكابوس اليومي الى أروقتها. اذ أن البقعة تهدد اليوم بإلحاق اضرار جسيمة بالموسم السياحي والثروة البيئية والحيوانية. فعدا عن كون الكارثة تتقاطع مع بدء صيد «القريدس»، ما دفع تجار لويزيانا لمقاضاة شركة «بريتيش بتروليوم» ومطالبتها بتعويضات تبلغ 5 ملايين دولار، تتزامن البقعة النفطية مع انطلاق الموسم السياحي واحتفالات الولاية الصيفية والتي تستقطب ملايين الأميركيين سنوياً. وفي حين سارع البيت الأبيض والبحرية الأميركية الى ارسال المعونة المؤلفة من مراكب وأنابيب خاصة لضخ النفط بعيداً من الشاطئ، يستمر اندلاقه بمعدل 5000 برميل يومياً لينذر بكارثة هي الأكبر من هذا النوع في التاريخ الأميركي الذي لم يعرف منذ انفجار منصة «أكسون فالديز» في ألاسكا في 1989 شيئاً من هذا القبيل. لويزيانا تدرك تماماً أن الكارثة لن تكون الأخيرة في سيرتها خصوصاً أنها تسبق موسم الأعاصير والفياضانات نهاية الصيف. فالولاية التي أثبتت قدرتها على الوقوف والاستمرار تحت الاستعمار والاستعباد والويلات الطبيعية، تحشد طاقاتها اليوم لاحتواء الكارثة. فوصول شركات النفط الى سواحلها في 1967، كما معظم محاطتها التاريخية، مصدر رزق للسكان فأدخلوه في احتفالهم «مهرجان القريدس والنفط» صيفاً في مدينة مورغان.