توقف رئيس الحكومة القطرية وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أمام «التهديدات الكثيرة حولنا وحول لبنان خصوصاً»، مخاطباً اللبنانيين بالقول: «ان هذه التهديدات تواجهونها ليس بالسلاح بل بوحدتكم الوطنية، وهذا ما نتمناه». وتابع المسؤول القطري أمس، زيارته الرسمية للبنان يرافقه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الطاقة عبدالله العطية، وشملت الزيارة لقاء في مقر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، حيث اقيم له استقبال رسمي. وعقد الشيخ حمد وبري اجتماعاً قصيراً حضره وزير الاعلام طارق متري والمعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل ومحمود بري والمستشار الإعلامي علي حمدان. تلت ذلك خلوة بين بري والشيخ حمد انضم اليها لاحقاً رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون. وأقام بري مادبة غداء على شرف الضيف القطري حضرها الرئيس الحريري وعون والرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري ونائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر وعدد من الوزراء والنواب وأعضاء السلك الديبلوماسي العربي في لبنان ورؤساء المجالس والهيئات ونقابات المهن الحرة. بري واعتبر بري في كلمته ان «بيروت، التي تقدم شهادتها بإسم لبنان امام التاريخ، تؤكد ان الوحدة والسلام والاستقرار التي ننعم بها هي اولاً بفضل الله، وثانياً بفضل القادة العرب الذي يرون ان لبنان ضرورة عربية، وبفضل غيرة ومحبة هؤلاء الاشقاء وفي الطليعة قطر، التي جمعت اليها عناوين القوى السياسية المتنوعة والمختلفة الى حد التنافر برعاية أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وصاغت اتفاق الدوحة الذي سيبقى علامة مضيئة في تاريخ لبنان». وأكد بري «اننا اليوم اذ نحصد نتائج وحدتنا وسلامنا بفعل هذا الاتفاق، فإن زيارتكم اليوم ومشاركتكم الشخصية في اجتماعات اللجنة القطرية - اللبنانية المشتركة تأتي تأكيداً لثقتكم باستقرار لبنان». ونوّه برئيس الحكومة القطرية الذي «لمست عمق تأثيره في صناعة السياسات، ليس القطرية فحسب، بل الاقليمية عموماً من المحيط الى الخليج، حيث صنع احساساً سياسياً عالياً بأن قوة الحضور القطري توازي من حيث الدور والمسؤولية قوة حضور الدول الاقليمية الكبرى في المنطقة على رغم مساحة الدولة وتواضع عدد السكان». وتمنى «ان يجري ترتيب الاولويات العربية وخصوصاً القطرية، انطلاقاً من بناء وصنع مصالحة وطنية فلسطينية وصولاً الى وحدة الموقف الفلسطيني والعربي للتصدي لمشروع الترانسفير الهادف لاستكمال اقتلاع الفلسطينيين تحت مختلف الحجج والذرائع والاسباب بدءاً باعتبار الفلسطينيين غرباء في ارضهم وعن أرضهم». وقال بري: «إن حكاية قطر في بلدنا حكاية الايمان بأن لبنان ضرورة عربية، ولا بد من توفير الاسباب لقيامته من الموت الذي صممته اسرائيل وهي تتوج حروبها على لبنان صيف عام 2006، وتطلق كرة نارها البرية والجوية والبحرية على كل مظاهر الحياة بشراً وشجراً وحجراً وحياة. حكاية قطر في لبنان هي الانتصار على الدمار في بنت جبيل والخيام وعيناتا وعيتا الشعب، وفي اقامة ممالك للحياة مقابل ممالك الموت الاسرائيلية... وآخر حكاية قطر في لبنان هي حكاية الشقيق وقت الضيق وايضاً وقت الفرج من أجل جعل لبنان انموذجاً لتعايش الاديان والحضارات في القرية الكونية مقابل صراع الحضارات. أليست رسالة لبنان، رسالة المحبة والتسامح، كذلك هي رسالة قطر. أليست رسالة بيروت هي الكتاب، وكذلك هي رسالة الدوحة العاصمة العربية للثقافة». الشيخ حمد وقدم بري للشيخ حمد درع رئاسة المجلس النيابي، ورد الشيخ حمد بكلمة قال فيها: «أستطيع ان اقول باسم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وباسم دولة قطر، نشكره على هذه الكلمة، ونأمل بأن نكون فعلاً قدر المسؤولية في التعاون مع اشقائنا في لبنان. وأحب أن أؤكد ان التزام قطر بمشاريع لبنان وبنهضته وباستقراره لن يقف عند اتفاق الدوحة، ولكنه مستمر وسيستمر بإذن الله». وأعرب رئيس الحكومة القطرية عن سعادته بأن «ارى كل الأشقاء في لبنان مع اختلاف وجهات نظرهم ومشاربهم السياسية، موجودين الآن في هذه القاعة، وأعتقد ان ذلك هو تكريم وتشريف لنا، ان نراكم جميعا كأخوة لنا بصرف النظر عن الآراء في أي موضوع، وهذا مطلوب، وكما ذكرت بالأمس فإن لبنان بلد ديموقراطي وهذه هي ميزة البلد الديموقراطي». وأضاف قائلاً: «أهم ما أريد قوله اننا في دولة قطر نسعى دائماً الى إحلال السلام وليس مثلما يقال البحث عن دور، ولكن نحن دولة نعرف حجمنا وامكاناتنا، ونعتقد ان العالم العربي يحتاج الى أكثر من قطر والى كل الأشقاء، أن نجتمع ونتفق على كيفية النهوض بالعالم العربي لأنه يستحق منا أكثر من ذلك. هناك تهديدات كثيرة حولنا وحول لبنان خصوصاً، وهذه التهديدات تواجهونها ليس بالسلاح بل بوحدتكم الوطنية، وهذا ما نتمناه، وانا سعيد جداً وتشرفت جداً بأن أقابل وأتعرف الى الكثير في لبنان ونستفيد ايضا من خبراتكم في كيفية «لحلحة» الأمور لأن هناك نكهة لبنانية «للحلحة» الأمور، وهذه النكهة ان شاء الله تسود في العالم العربي». وكان الشيخ حمد بن جاسم استقبل في مقر اقامته في فندق «فينيسيا» صباحاً على التوالي: قائد الجيش العماد جان قهوجي، الرئيس فؤاد السنيورة والوزير طلال ارسلان وعرض معهم الاوضاع. وكان من المقرر ان يزور المسؤول القطري بكركي للقاء البطريرك الماروني نصر الله صفير، الا ان امين سر البطريرك الخوري ميشال عويط تلقى اتصالاً هاتفياً من السفير القطري لدى لبنان سعد المهندي ابلغه فيه ارجاء موعد الزيارة الى موعد يحدد لاحقاً. واعلن مكتب النائب عون عن تأجيل موعد الزيارة التي كان من المقرر ان يقوم بها الشيخ حمد بن جاسم للرابية في الثالثة بعد ظهر امس، الى الحادية عشرة قبل ظهر اليوم.