وصل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أمس إلى القاهرة في مستهل جولة تقوده أيضاً إلى الرياض لتأكيد متانة العلاقات بين الولاياتالمتحدة وكل من مصر والمملكة العربية السعودية، وطمأنة البلدين الى انعكاسات الانفتاح الاميركي على ايران، ودعوتهما الى ممارسة نفوذ مواز للنفوذ الايراني في العراق. وقال غيتس للصحافيين في الطائرة العسكرية التي أقلته إلى القاهرة أمس إن الزيارتين تهدفان إلى «تعزيز العلاقات مع أصدقاء منذ زمن طويل»، وإنه يريد «تطمين مصر والسعودية وسائر دول الخليج إلى أن انفتاح واشنطن على إيران لن يكون على حسابها». وجاءت زيارة غيتس للقاهرة في وقت استقبل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس مستشار وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الخليج وجنوب غربي آسيا السفير دينيس روس والوفد المرافق له والذي يضم الجنرال جون آلن نائب قائد المنطقة المركزية الأميركية. وأعلن ناطق رسمي مصري أن أبو الغيط ناقش مع الوفد الأميركي الوضع في منطقة الخليج العربي وإيران و «طرح على الجانب الأميركي العناصر الأساسية للرؤية المصرية في ما يتعلق بتلك المنطقة الحيوية والمهمة لمصر». وقال إن وزير الخارجية ناقش مع روس «النهج الأميركي الجديد الذي يهدف الى التفاعل الايجابي مع إيران بُغية تحقيق تغيير في السلوك الإيراني سواء في ما يتعلق بملفها النووي أو بسلوكها عموماً في المنطقة». وأوضح أن أبو الغيط أعرب عن تطلعه إلى «نجاح النهج الأميركي الجديد في تحقيق التغيرات المطلوبة خصوصاً في ما يتعلق بسلوك إيران في المنطقة على اعتبار أن ذلك السلوك يُعد سلبياً في مناح كثيرة ولا يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار والسلام». وذكرت وكالة أنباء القوات المسلحة الأميركية في تقرير تلقته «الحياة» في لندن أن زيارة غيتس لمصر والسعودية اللتين زارهما للمرة الأخيرة قبل عام ونصف العام، ستركز على مواضيع الأمن الإقليمي بما في ذلك عملية السلام في الشرق الأوسط والعمليات العسكرية في كل من العراق وأفغانستان. وهذه الزيارة الخارجية هي الأولى لوزير الدفاع الأميركي منذ خمسة شهور، باستثناء مشاركته في مؤتمر قصير لحلف شمال الأطلسي في كراكوف (بولندا) في شباط (فبراير) الماضي. وقال غيتس للصحافيين إنه يريد تشجيع مصر والسعودية على إقامة روابط ديبلوماسية أوثق مع العراق. وبعدما أقر بشبهة «التأثير الإيراني الكبير على بغداد»، أشاد بأخذ مصر «خطوات جدية لإعادة التواصل» مع الحكومة العراقية. وقال: «إذا كان العالم العربي قلقاً من النفوذ الإيراني، فإن الطريقة لمعالجة هذا الأمر تكون بأن يكون للعرب نفوذ أكبر في بغداد: مزيد من السفراء، تواصل أكبر في شأن ترتيبات الأمن الإقليمي التي تشمل الدول العربية». ودعا الدول العربية إلى أن تمارس نفوذاً لدى العراقيين يوازن النفوذ الإيراني. ونقلت الوكالة الأميركية أيضاً عن غيتس أنه سيعرض تطمينات بأن أي انفتاح أميركي على إيران «لن يكون على حساب علاقتنا القديمة مع السعودية ودول الخليج الأخرى التي كانت شريكة وصديقة لنا على مدى عقود». وقال إن الولاياتالمتحدة ستتعامل مع إيران «بطريقة عاقلة، بطريقة يؤمل أنها ستعزز الأمن للجميع في المنطقة، وليس لنا فقط». وتابع: «أعتقد أن من المفيد أن نُطمئن أصدقاءنا وحلفاءنا في المنطقة أننا في حين نرغب في مد يدنا المفتوحة إلى الإيرانيين - كما قال الرئيس (باراك أوباما) - فإنني أعتقد أن الجميع في الإدارة (الأميركية) من الرئيس ونزولاً لديه نظرة واقعية وسيكون حازماً إذا ما قوبلنا بيد مغلقة». وقال إنه سيناقش في القاهرة دور مصر في عملية السلام في الشرق الأوسط وتحديداً في مسار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأشارت الوكالة العسكرية الأميركية إلى أن فريقاً من مهندسي الجيش الأميركي يُجري حالياً تجارب في مصر على أنظمة حديثة لرصد الأنفاق ستُستخدم للتصدي لعمليات التهريب التي تُجرى على حدود مصر مع قطاع غزة. وأوردت أن الفريق سيتولى أيضاً تدريب قوات الأمن المصرية على طريقة تشغيل هذه الأنظمة. وقالت الوكالة أيضاً إن من المتوقع أن يبحث غيتس في زيارته للسعودية الدور المحتمل للمملكة في مساعدة الحكومة الأفغانية على المصالحة مع حركة «طالبان». ونقلت عن غيتس أنه سيناقش قضية المعتقلين في معسكر غوانتانامو في كوبا، مشيداً بتجربة السعودية في إعادة توعية ودمج المفرج عنهم في المجتمع.