لطالما كان مرض السرطان مخيفاً ومجرد ذكره قد يتسبب في تعكير صفو أي حديث، إلا «منظمة الصحة العالمية» أثبتت في تقرير لها أن حوادث الطرق أشد فتكاً من هذا المرض القاتل. وتقول المنظمة في تقريرها الأخير الذي نشرته على موقعها العام 2010 إن الوفيات الناتجة عن حوادث السير/السرعة تحتل المركز التاسع في ترتيب مسببات الوفاة عبر العالم، لتسبق داء السكري الذي جاء في المركز ال12 وسرطان المعدة في المركز 17، مع توقعات بارتفاع ترتيبها إلى الخامس بحلول العام 2030. ويشير التقرير إلى أن أكثر من مليون شخص يموتون سنوياً بسبب حوادث الطرق، في حين يعاني ما بين 20 و50 مليون شخص من إصابات غير مميتة، ما يجعل حوادث الطرق تاسع مسبب للوفاة عالمياً. ويوضح أن هذه الحوادث تقتل أكثر من 20 شخصاً من كل 100 ألف في البلدان النامية التي تسجل نحو 90 في المئة من إجمالي حوادث السير في العالم على رغم امتلاكها أقل من 50 في المئة من إجمالي المركبات المسجلة. وشهدت الدول الأعلى دخلاً إنخفاضاً ملحوظاً في حوادث السير مقارنةً بالدول الفقيرة، إذ سجلت وفاة 10 أشخاص من كل 100 ألف. وعلى رغم تراجع حوادث السير في الدول الفقيرة خلال العقود الخمس الماضية، إلا أنها ما زالت سبباً رئيسا للوفاة والإصابة والإعاقة. ومع كل الجهود الدولية للحد من حوادث التصادم والعمل على تحسين الطرق وتوعية السائقين، لكن لم يتم إجراء تقييم عالمي للسلامة على الطرق يشير إلى أي مدى يتم التزام هذه الجهود حتى الآن. ويقول تقرير المنظمة إن المشاة وقائدي الدراجات الهوائية والنارية يشكلون حوالى نصف الضحايا، بينما تعد السرعة العامل الرئيس في الوفيات، بسبب عدم التزام معايير السلامة، إذ نسبة الدول التي تطبق المعايير الأساسية للحد من السرعة هي 29 في المئة، في حين أن 10 في المئة من دول العالم تصنف معاييرها على إنها فاعلة. ويظهر التقرير أن 90 في المئة من دول العالم تعتمد تشريعات ضد القيادة تحت تأثير الكحول، لكن 49 في المئة فقط من هذه البلدان حددت في تشريعاتها نسبة الكحول ب 0.05 غرام. وأقرت 40 في المئة فقط من الدول قانونا يلزم قائد الدراجة البخارية والراكب ارتداء خوذة، بل وحددت معايير وطنية ودولية للخوذة. وهناك 57 في المئة من بلدان العالم لديها تشريعات تنص على ضرورة استخدام ركاب السيارة أحزمة الأمان في المقاعد الأمامية والخلفية. وفي الوقت الذي يوصي 90 في المئة من الدول ذات الدخل المرتفع، بضرورة تقييد حركة الطفل داخل السيارة باستخدام حزام الأمان، فإن 20 في المئة فقط من الدول الأقل دخلاً تشترط الاجراءات نفسها. ومن أجل الحد من حوادث السرعة، شددت المنظمة في تقريرها على ضرورة تعاون القطاعات كافة داخل كل دولة للحد منها، بالإضافة إلى قيادة سياسية وقانونية تعمل على إنفاذ الإجراءات والقوانين على الطرق. ويطالب التقرير أيضاً الحكومات بأن تأخذ في الاعتبار احتياجات مرتادي الطرق، والتزام المؤسسات المسؤولة عن الطرق التوجيهات الحكومية وتشجيع التعاون بين هذه القطاعات والمؤسسات لتسهيل التنسيق بينها.