أقرت الدول الأعضاء في مجموعة البنك الدولي ال186 زيادة ضخمة في رأس مال المجموعة وتوصلت، في إطار ما وصف ب «تغييرات تاريخية من شأنها تمكين المؤسسة الدولية المعنية بمكافحة الفقر من أداء مهماتها في عالم ما بعد الأزمة»، إلى اتفاق يقضي بتعزيز حصة الاقتصادات الصاعدة والنامية من حقوق التصويت، أقله جزئياً، اعترافاً بثقلها المتعاظم ومساهمتها في الاقتصاد العالمي. وصرح رئيس لجنة التنمية المنبثقة عن مجلسي محافظي البنك وصندوق النقد الدوليين وزير المال البحريني أحمد الخليفة أن محفظة القرارات «الطموحة» التي اتخذتها اللجنة وشكلت «تحديثاً غير مسبوق للبنك الدولي» اشتملت على زيادة رأس المال بنحو 86 بليون دولار، وهي الأولى منذ عقدين. ولفت وزير المال البحريني في مؤتمر صحافي عقد في وقت مبكر من فجر أمس وشارك فيه رئيس البنك الدولي روبرت زوليك والمدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان إلى أن قرارات اللجنة تضمنت أيضاً تبني استراتيجية عمل جديدة لمرحلة ما بعد الأزمة و «حزمة إصلاحات تهدف إلى جعل البنك أكثر سرعة ومرونة وخضوعاً للمساءلة في أداء مهماته». لكنه أوضح أن «العنصر الأكثر حرجاً في محفظة القرارات تمثّل في إعادة توزيع حقوق التصويت بموجب قرار حصص أكبر للاقتصادات الصاعدة والنامية تقدم على صعيد حوكمة البنك الدولي،» مشيراً إلى أن القرار المعني ساهم في رفع حصة هذه الاقتصادات من حقوق التصويت في مجموعة البنك الدولي إلى 47.2 في المئة وصعد بحصتها في مؤسسة التمويل الدولية إلى 39.5 في المئة. ونبه إلى أن قرار زيادة الحصص الذي يدعم نفوذ الاقتصادات الصاعدة والنامية في آلية صنع القرار في البنك الدولي للإنشاء والتعمير - حيث تحصل هذه الأخيرة على احتياجاتها من القروض الانمائية - وكذلك في مؤسسة التمويل الدولية المعنية بالقطاع الخاص، أمّن حماية خاصة لحقوق تصويت الدول الصغيرة الأكثر فقراً وأنشأ آلية لمراجعة حقوق العضوية بانتظام كل 5 سنوات. واعترف زوليك بأن قرار زيادة الحصص لم يأت من دون مقابل، موضحاً أن الاقتصادات الصاعدة والنامية ساهمت بأكثر من نصف الزيادة التي أقرتها لجنة التنمية في رأس مال البنك الدولي. لكنه امتدح الدول الأعضاء لوفائها بالتعهد الذي قطعته على ذاتها بخصوص إعادة توزيع حقوق التصويت في الاجتماعات السنوية المشتركة للمؤسستين الدوليتين في اسطنبول في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي وأيضاً في قمة مجموعة العشرين الأخيرة. وتنفيذاً للتعهد المشار إليه الذي اعتبر زوليك دافعه إدراك الدول الأعضاء أن عالم اليوم أصبح اقتصاداً «متعدد القطب» لا مكان فيه لمصطلح سيئ الصيت مثل «العالم الثالث،» أقرت لجنة التنمية زيادة حصة الاقتصادات الصاعدة والنامية من حقوق التصويت في البنك الدولي بمقدار 3.13 في المئة، ما رفع الحجم التراكمي لهذه الزيادة منذ 2008 إلى 4.59 في المئة. أما مقدار الزيادة التي أقرتها لجنة التنمية على حقوق التصويت في مؤسسة التمويل فتجاوز 6 في المئة وفازت السعودية بأكبر حصة عربية من هذه الحقوق إذ ارتفعت حصتها من 1.26 إلى 1.82 في المئة بمقدار 0.56 في المئة وتلتها الكويت التي ارتفعت حصتها من 0.42 إلى 0,57 في المئة بينما راوحت الزيادة في حصص ثماني دول عربية أخرى هي: العراق والبحرين والأردن ولبنان وليبيا وعمان وقطر وسورية بين واحد واثنين في الألف. ومن بين الاقتصادات الصاعدة والنامية كانت السعودية ثالث أكبر المستفيدين من زيادة حصص حقوق التصويت في مؤسسة التمويل الدولية بعد الصين التي ارتفعت حصتها بمقدار 1.27 في المئة إلى 2.29 في المئة والبرازيل التي ارتفعت حصتها بمقدار 0.62 في المئة إلى 2.27 في المئة. وحصلت الهند على زيادة متوسطة لتصل حصتها إلى 3.81 في المئة وتكرر الحال مع روسيا التي ارتفعت حصتها أيضاً إلى 3.81 في المئة. وتخلت أميركا عن 2.63 في المئة من حقوق التصويت التي تملكها في مؤسسة التمويل لكنها احتفظت بحصة ضخمة تزيد على 20 في المئة، ما يعادل الحصيلة الإجمالية لأصوات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا حتى بعد تخلي هذه الدول عما يراوح بين 0.36 و0.68 في المئة من حصصها. ولم تتسبب زيادة حقوق التصويت في البنك الدولي بآثار تذكر في حصص الدول العربية، إلا أن الصين رفعت حصتها 1.64 في المئة إلى 4.42 في المئة لتحتل المركز الثالث. وحصلت كوريا الجنوبية والمكسيك والهند والبرازيل على إضافات تدرجت هبوطاً من 0.58 إلى 0.13 في المئة. وفي المقابل تخلت اليابان التي تحتل المركز الثاني عما يزيد على واحد في المئة من حصتها وتدرجت مساهمات بريطانيا وألمانيا وفرنسا صعوداً من 0.45 إلى 0.55 في المئة. وأكد وزير خزانة أميركا تيموثي غايتنر في مؤتمر صحافي عشية اجتماع لجنة التنمية «قصور نظام الحصص الحالي عن غرضه في تحقيق تمثيل شرعي للدول طبقاً لأوزان اقتصاداتها في العالم» خفضت حصتها من 16.36 إلى 15.85 في المئة وتخلت بذلك عن 0.51 في المئة، علما أن حصة ناتجها المحلي في الناتج العالمي ازدادت العام الماضي قليلاً على 24 في المئة.