أكد المدير العام ل «صندوق النقد العربي»، عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، أن الاقتصادات العربية تواجه تحديات على خلفية التطورات الاقتصادية والمالية الإقليمية والدولية، أهمها انخفاض أسعار النفط العالمية وتداعياته على آفاق النمو. وقال في كلمة خلال افتتاح الاجتماع الأول لوكلاء وزارات المال العرب، الذي بدأ في أبو ظبي أمس: «الدول العربية حرصت على مواصلة استراتيجياتها في دعم نمو القطاعات غير النفطية والتنوع الاقتصادي». وأضاف: «استمرت هذه الدول في كفاءة الإنفاق العام وفعالية الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، وفي تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية التي تساهم في ضبط الأوضاع المالية من جهة، ودعم وتيرة النمو وتنشيط الاقتصاد اللذين سيعززان قدرة اقتصاداتها على التحرك باتجاه تحقيق النمو الشامل المستدام، من جهة أخرى». ويشارك في الاجتماع الذي يستمر يومين، وكلاء وزارات المال من 14 دولة عربية وخبراء من صندوق النقد والبنك الدولي، إلى جانب صندوق النقد العربي الذي يتولى الأمانة الفنية لمجلس وزراء المال العرب. ولفت الحميدي إلى أن تراجع أسعار النفط ساهم في تمكين الدول العربية المستوردة من تخفيف حدة الاختلالات، كما أن مواصلة الإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال ستشجّع على جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية». وأضاف: «تشير تقديرات صندوق النقد العربي إلى أن الاقتصادات العربية ستنمو نحو 3 في المئة خلال العام الحالي»، لافتاً إلى أن «وتيرة النمو الحالية لا تزال دون المستوى الذي يمكّن دولنا العربية من تحقيق تقدّم على صعيد خفض معدلات البطالة والفقر». وشدّد على أن «المنطقة العربية في حاجة إلى رفع معدلات النمو إلى ما بين 5 و6 في المئة سنوياً لتخفّض في شكل ملموس معدلات البطالة، خصوصاً بين الشباب، التي ترتفع إلى نحو ضعفي معدل بطالة الشباب في العالم. وأكد أهمية تعزيز جهود التنويع الاقتصادي في كل الدول العربية، بغض النظر عن اختلاف أوضاعها الاقتصادية والمالية والبشرية، وتطوير القطاع الخاص ودعمه ليلعب دوراً أكبر في تحقيق النمو المستدام وإيجاد فرص عمل. ودعا إلى تعزيز الاستثمارات العامة والخاصة وتحسين كفاءتها بما يساهم في زيادة معدلات الاستثمار، ما سينعكس ارتفاعاً في مستويات المعيشة وإيجاد فرص العمل المطلوبة. وقال الحميدي إن ذلك «يتطلّب متابعة الإصلاحات الهيكلية لتعزيز الاستثمارات الخاصة ورفع كفاءتها»، مشدداً على أهمية «السعي إلى تنفيذ السياسات والإصلاحات المطلوبة لضمّ القطاع غير الرسمي إلى النشاطات الاقتصادية، بما يعزز فرص تحقيق النمو الشامل، ويؤمن الفرصة لقطاعات كبيرة في الاقتصادات العربية للحصول على التمويل والخدمات المالية التي تحتاجها للتوسّع والنمو». وأوضح أن «تعزيز المرونة في أسواق العمل، وما قد يتطلّبه ذلك من إصلاحات هيكلية وتشريعية، يكتسب أهمية متزايدة لتعزيز كفاءة هذه الأسواق وقدرتها على استيعاب مزيد من اليد العاملة المنتجة». ولفت الحميدي إلى أن «الأمانة العامة للاجتماع حرصت على طرح موضوع الإصلاح الضريبي والتشاور في شأنه، في ظل تفاوت الأنظمة الضريبية»، مؤكداً أهمية الاطلاع على التجربتين الأردنية والمصرية في هذا الشأن والتحديات التي تواجهانها. وأشار إلى أن «صندوق النقد العربي سينظّم بالتعاون مع صندوق النقد الدولي في 22 و23 شباط (فبراير) المقبل، منتدى المالية العامة والنمو، الذي سيجمع الوزراء وكبار المسؤولين المعنيين بالسياسات المالية من المنطقة العربية، بمشاركة عدد من الخبراء والمتخصصين من المؤسسات الدولية، على رأسهم مديرة صندوق النقد الدولي كرستين لاغارد، وسيناقش قضايا السياسة المالية والنمو الاقتصادي». ويتطرق المنتدى إلى استراتيجيات وتحديات تعزيز الإيرادات المحتملة وسياسات الإصلاح الضريبي والعدالة الضريبية، إلى جانب قضايا تعزيز كفاءة الإنفاق العام وإصلاحات الدعم في الدول العربية، ومتطلبات تحسين إدارة الاستثمارات العامة والتعامل مع الأخطار المالية المرتبطة بها.