أسدى رجلا شرطة فرنسيان، غرّما امرأة منقبة أثناء قيادتها لسيارتها في أحد شوارع مدينة نانت، خدمة لا تقدر بثمن للرئيس نيكولا ساركوزي الذي يضع كل ثقله لحظر النقاب كلياً في فرنسا. فالتفاعلات التي ترتبت على هذه الغرامة، أتاحت إثبات صحة ما يقوله مؤيدو حظر النقاب عن انتهاكه لكرامة المرأة وإخفائه لنزعات أصولية، كما كشفت عملية تحايل على التقديمات الاجتماعية. القصة بدأت على شكل روتيني، عندما أوقف رجلا الشرطة السائقة المنقبة، وتدعى آن، وطلبا أوراقها الثبوتية، وهو ما يحصل عادة في شوارع كل المدن الفرنسية. لكن الأمر خرج عن الروتينية عندما قرراً تغريمها بمبلغ قدره 22 يورو، لأنها منقبة ولأن النقاب يقلص نطاق رؤيتها ما يعرض حياتها وحياة الآخرين للخطر. واستند الشرطيان في قرارهما هذا على بنود قانون السير الفرنسي الذي يقول إن السائق ينبغي أن يحظى بقدرة كاملة على الحركة والرؤية أثناء القيادة. وكان يمكن لهذه القصة أن تنتهي عند هذا الحد لو أن السائقة قبلت الغرامة وأكملت طريقها. لكنها اختارت مقارعة قوانين السير مستعينة بالقيم والمبادئ الجمهورية، وفي مقدمها حقوق الإنسان، للقول إن الغرامة غير مبررة وأنها تقود وهي منقبة منذ تسع سنوات وإن ما أقدم عليه الشرطيان هو عمل ينطوي على تحامل وتمييز بحقها بسبب مظهرها. وطلبت في رسالة وجهتها الى دائرة الشرطة إنصافها، وإعفاءها من الغرامة باعتبار أن الشرطيين تعديا على حريتها الفردية وعلى خيارها اعتناق الإسلام وارتداء النقاب. وفاتها في هذا الإطار أن الزج بالمبادئ الكبرى في القضايا الفردية يمكن أن ينقلب عليها، خصوصاً في ظل التوتر السائد في فرنسا حول موضوع النقاب والانقسام حول ضرورة حظره كلياً أم جزئياً. كما فاتها أنه بالنظر الى هذا التوتر، فإن مطالبتها بإنصافها سيكون موضع تدقيق وعناية من المعنيين، وهو ما حصل بالفعل، لكن النتيجة جاءت مخالفة لما أملت به. فلو أنها سددت قيمة الغرامة لكانت تداركت ما تم كشفه حول وضعها العائلي وجنبت زوجها سلسلة المتاعب التي يواجهها، وقد تؤدي الى ترحيله عن فرنسا. إذ تبين أنها فرنسية في ال31 من العمر متزوجة من رجل جزائري الأصل، اكتسب الجنسية الفرنسية لزواجه منها العام 1999. وتبين أيضاً أنها ليست الزوجة الوحيدة، وأنما الزوجة الرابعة للرجل المتزوج من ثلاث أخريات وله منهن 12 ولداً، تتقاضى كلاً منهن تقديمات اجتماعية بحجة أنهن تربين أولادهن بلا أب. واكتملت الصورة، بكشف انتمائه الى جماعة «التبليغ» غير المرغوب فيها في فرنسا. وتذرع السائقة المنقبة بحقوق الإنسان والحريات الفردية، حق من حقوقها بالطبع، لكنها استعانت به في حين أن تركيبة أسرتها، تنتهك مجموعة من القوانين بدأ بحظر تعدد الزوجات والاختلاس عبر التحايل على التقديمات الاجتماعية والزواج من شخص ينتمي الى مجموعة أصولية. وفي ضوء كل هذه العناصر بات الاهتمام الآن منصباً على الزوج، حيث وجه وزير الداخلية بريس هورتفو رسالة الى وزير الهجرة والاندماج والهوية الوطنية اريك بيسون، مطالباً إياه بتجريد الزوج من هويته الفرنسية، وهو ما يعرضه للترحيل. وفي ضوء هذه الحادثة، سارع مؤيدو الحظر الكلي للنقاب، للتأكيد بأنهم كانوا على حق في مواقفهم حول خطورة هذه الظاهرة.