نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً عن التعاطي الروسي في ما يخص موضوع القرم. وأوردت أنه عندما اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأبرز السياسيين الروس في قاعة القديس جيورجيوس في الكرملين "للترحيب بإعادة ضم القرم إلى روسيا" الأسبوع الماضي، كان الجو يوحي بأن روسيا تحتفل بانتصار عسكري. وقال بوتين: "في قلوب الناس وعقولهم، لطالما كانت القرم جزء لا يتجزأ من روسيا"، ما أوحى بأن المسألة لطالما كانت مسألة وقت قبل إعادة ضم موسكو القرم إلى أراضيها. وأضاف: "هذه القناعة مبنية على الحقيقة والعدالة". ووصف بعضهم إجراءات بوتين ب"عقدة ما بعد الإمبريالية" وبأنه الزعيم المستعد لإعادة بناء ما يشبه الإتحاد السوفياتي من خلال إعادة ضم أراضٍ ضائعة. واعتبرت الصحيفة أن هناك بعض الحقيقة في هذا الأمر، لكن الواقع أكثر تعقيداً بحسب ما يرى مقربون من قرارات الكرملين، خلال الأسابيع القليلة الماضية. فالمعطيات الموجودة ترجح أن قرارات الكرملين في الأسابيع القليلة الماضية كانت ردة فعل وتحركات إنفعالية على أحداث حصلت ولم تكن ضمن إستراتيجية مقررة سابقاً. وجزء من المشكلة، بحسب "الغارديان"، هو أن بوتين يرى في أحداث أوكرانيا خطورة كبيرة وذلك بسبب خسارة روسيا تأثيرها على قرارات كييف. فالعامل النفسي لرؤية ثوار مقنعين يسيطرون على بيت الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش، يؤثر على حاكم فعل كل شيء ليبقي الثورات بعيدة عن بلاده. ونقلت "الغارديان" عن موظف العلاقات العامة في الكرملين غيليب بافلوفسكي قوله إن "بوتين يكره الثورة، وهو مناهض للثورة بطبيعته. ويانوكوفيتش أجبِر على الفرار، وبالتالي فإن تأثير النظام الروسي على أوكرانيا انتهى، وأدرك بوتين أن أحداً لن يستمع إلى روسيا في حال لم يعزز موقعه، ولهذا اتخذ الإجراءات الأخيرة". وقال المحلل السياسي المقرب من الكرملين سيرغي ماركوف، الذي كان يلتقي مسؤولين في القرم، أن "الخطة الأساسية لم تكن تقضي بضم شبه جزيرة القرم، وأن القرار النهائي للقيام بذلك أتخذ قبل أسبوعين فقط". وأضاف: "هناك عاملان رئيسيان لعبا دورا في إتخاذ القرار: الأول هو مطالب النخبة في القرم، الذين لا يريدون أن ينتهي الأمر بالقرم مثل أبخازيا التي أصبحت في طي النسيان دولياً، ولهذا دفعوا بقوة لتكون القرم جزءاً من روسيا. أما العامل الثاني فهو موقف الغرب الذي لم يكن حاضراً للإستماع إلى أي تسوية وسطية".