أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس ان اجتماع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو مع الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل لم يحقق تفاهمات، مضيفة أنهما اتفقا على عقد اجتماع ثان بينهما غداً، بعد لقاء ميتشل مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله الذي كان مقرراً مساء امس. وأشارت إلى أن ميتشل كرر خلال الاجتماع أقوال الرئيس باراك اوباما في شأن التزام أمن إسرائيل، وأن التحالف بين البلدين لا يتزعزع والعلاقات المميزة ستتعزز في المستقبل. وتابع أن الإدارة الأميركية «تسعى الى دفع المصالح المشتركة للبلدين، وفي مقدمها تحقيق سلام شامل قائم على حل الدولتين». وكان ميتشل التقى وزير الدفاع ايهود باراك قبل مغادرة الأخير غداً إلى واشنطن للقاء نظيره الأميركي روبرت غيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيمس جونز وكبار المسؤولين العسكريين لبحث المسائل الأمنية المطروحة على الأجندة ومحاولات استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين»، كما جاء من مكتبه. وسيلتقي باراك وميتشل في واشنطن الأسبوع المقبل. ووصف مكتب رئيس الحكومة لقاء الأخير بالموفد الأميركي ب «اجتماع بنّاء وجيد»، فيما عاودت أوساط نتانياهو توقعاتها بأن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ستستأنف قريباً. ولم تستبعد الإعلان عن موعد انطلاق المفاوضات قبل مغادرة ميتشل البلاد. ونقلت «معاريف» عن مصدر سياسي كبير قوله إن إسرائيل تأمل في أن تكون الإدارة الأميركية أدركت أنها غير قادرة على وقف البناء في القدس «ونأمل في أن يفهم الفلسطينيون أيضاً هذه الحقيقة». وأضاف أن الأميركيين سيحاولون الضغط على عباس (أبو مازن) للبدء في المفاوضات غير المباشرة من دون إعلان إسرائيل وقف البناء في القدس. وتوقعت أوساط سياسية أن تقوم إسرائيل ببعض البادرات الطيبة تجاه الفلسطينيين، مثل الإفراج عن أسرى فلسطينيين وإزالة حواجز ونقاط تفتيش في الضفة الغربية، لتسهيل عملية استئناف المفاوضات. اقتراح نتانياهو في غضون ذلك، نفت أوساط في مكتب رئيس الحكومة ما جاء في العنوان الرئيس لصحيفة «هآرتس» أمس من أن نتانياهو يسعى الى التوصل إلى «صفقة» مع الولاياتالمتحدة بهدف تخفيف حدة الأزمة معها تقوم على اقتراح إسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة في مقابل إرجاء بحث قضية القدس إلى مفاوضات التسوية الدائمة، ومواصلة إسرائيل البناء في الأحياء الاستيطانية في القدسالمحتلة. وقالت أوساط سياسية رفيعة للإذاعة العسكرية إن رئيس الحكومة «منشغل في بلورة صيغ مختلفة، وثمة اتجاهات جديدة، لكن شيئاً لم يتبلور نهائياً بعد». ووفقاً للمعلق السياسي في «هآرتس» المعروف بمصادره الوثيقة في الإدارة الأميركية ألوف بن، فإن نتانياهو يرى في تسوية مرحلية «المخرج الوحيد الممكن من الجمود السياسي الحاصل منذ أكثر من عام»، على رغم التوقعات بأن الفلسطينيين سيرفضون الفكرة. وأضاف أن نتانياهو وكبار مساعديه منشغلون في الأيام الأخيرة في إجراء اتصالات مكثفة مع ممثلي الإدارة الأميركية في محاولة لتخفيف حدة الأزمة في العلاقات بين البلدين. وتابع أن الإدارة الأميركية أطلقت في الأيام الأخيرة جملة إشارات لاستعدادها لتحسين العلاقات مع إسرائيل تمثلت أساساً في رسائل مصالحة أبرزت التزام الولاياتالمتحدة أمن إسرائيل، كما فعل الرئيس الأميركي في رسالة التهنئة لإسرائيل في الذكرى السنوية ال 62 لقيامها. وكتب بن أن التصريحات العلنية وغير العلنية لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار تشير إلى أن الصيغة الآخذة بالتبلور لإنهاء الأزمة تقوم أساساً على دفع تسوية مرحلية بين إسرائيل والفلسطينيين تشمل إقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة، في مقابل إرجاء بحث قضية القدس بداعي أن «رئيس السلطة الفلسطينية غير قادر على المضي قدماً نحو التسوية الدائمة». ويشارك باراك رئيس حكومته هذا الرأي. وتنص المبادرة على النقاط الآتية: تلتزم إسرائيل الامتناع عن استفزازات في القدس. ويتم تحديد نقاط الخلاف بين اوباما ونتانياهو، وفي مقدمها البناء في القدس، والامتناع عن التصادم والإحراج المتبادل على الملأ. وتبدي الولاياتالمتحدة تصلباً معيناً تجاه ايران وسورية من أجل عرقلة المشروع النووي الايراني والحيلولة دون حرب على الحدود الشمالية لإسرائيل (لبنان وسورية). وتعزيز العلاقات العسكرية الأميركية مع إسرائيل. وأشار المعلق إلى حقيقة أن أقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة مشمولة في «خريطة الطريق» الدولية من العام 2003 التي نصت بأن المرحلة الثانية من تطبيقها تقضي بإقامة دولة في حدود موقتة، لكن الفلسطينيين عارضوا هذه الفكرة إذ يرون في إقامة دولة في حدود موقتة وصفةً لإدامة الاحتلال الإسرائيلي. وتابع أن مبادرة نتانياهو ستلقى معارضة شديدة لدى شركائه من اليمين الذين يرفضون تقديم أي تنازل، أي تنفيذ أي انسحاب من الضفة أو تفكيك أي مستوطنة لإتاحة إقامة دولة فلسطينية حتى في حدود موقتة. وأشار إلى أنه في حال رفض الفلسطينيون الفكرة، فسيكون في وسع نتانياهو الادعاء بأن الفلسطينيين يفوّتون على أنفسهم فرصة تحقيق السلام. الى ذلك، أعربت أوساط نتانياهو عن ارتياحها لنتائج استطلاع للرأي الأميركي جرى أخيراً أكدت دعم الأميركيين مواقف إسرائيل من صراعها مع الفلسطينيين، إذ أبدى 57 في المئة تعاطفاً مع إسرائيل، فيما رأى 68 في المئة أنه ينبغي على الرئيس الأميركي أن يكون «مؤيداً قوياً» لإسرائيل. ورأى 44 في المئة أن اوباما يعالج في شكل سلبي الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فيما قال 67 في المئة من اليهود المستطلعين أنهم ليسوا راضين عن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن اوباما يبذل جهوداً كبيرة لإقناع يهود الولاياتالمتحدة، عشية الانتخابات النصفية، بأنه يدعم إسرائيل، وعليه بعث برسالة بهذه الروح إلى رئيس «مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية» آلن سولو أكد فيها وقوفه إلى جانب إسرائيل.