تبدأ في القاهرة صباح بعد غد الإثنين أولى جلسات إعادة محاكمة المتهمين في قضية اغتيال المطربة اللبنانية سوزان تميم والتي تضم كلاً من ضابط الشرطة السابق محسن السكري ورجل الأعمال المصري البرلماني البارز هشام طلعت مصطفى. وهذه المحاكمة الجنائية الثانية للمتهمين إثر صدور حكم من محكمة النقض، التي تمثل أعلى درجات التقاضي، في 4 آذار (مارس) الماضي، بإلغاء حكم سابق أصدرته دائرة أخرى من دوائر محاكم جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمدي قنصوه بإعدام المتهمين شنقاً بعد موافقة مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة على إعدامهما. ورأت محكمة الجنايات أن هناك أدلة يقينية على ارتكاب السكري جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لتميم بمسكنها ببرج الرمال في دبي بعد مراقبته لها وتتبعها في لندنودبي بغية قتلها بتكليف وتحريض من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، إثر خلاف له معها. ويمثل هشام والسكري أمام دائرة محاكمة ذات باع وخبرة قضائية كبيرة في مجال المحاكمات الجنائية الكبرى، إذ سبق لتلك الدائرة التي يرأسها المستشار عادل عبدالسلام جمعة أن فصلت في العديد من القضايا التي كانت محط اهتمام الرأي العام في السنوات الأخيرة ومن أبرزها الحكم على الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون للدرسات الإنمائية بالسجن 7 سنوات في قضية نشره أخباراً وبيانات ومعلومات كاذبة وتقاضي أموال من الاتحاد الأوروبي لهذا الغرض، وكذلك الحكم على الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد بالسجن 5 سنوات في قضية تزويره توكيلات الحزب، والحكم على رئيس قطاع الأخبار للتلفزيون المصري محمد الوكيل بالأشغال الشاقة لمدة 18 سنة في قضية رشوة. وتُعقد أولى جلسات إعادة محاكمة السكري وهشام أمام المستشار جمعة قبل 48 ساعة من إصداره الحكم في قضية خلية «حزب الله» الموالي لإيران التي تتضمن 26 متهماً من 4 جنسيات عربية. وحظيت قضية مقتل سوزان تميم باهتمام إعلامي غير مسبوق في تاريخ المحاكمات القضائية المصرية، حيث كانت تكتظ بوابات وقاعات المحكمة التي تنظر فيها القضية بمحكمة جنوبالقاهرة الابتدائية في وسط العاصمة، بمئات الصحافيين وعشرات القنوات الفضائية التي سمح لها بتغطية 5 جلسات فقط من بين 29 جلسة من جلسات المحكمة. وكان رئيس المحكمة قرر في ختام الجلسة الثالثة حظر النشر في جلسات المحاكمة حرصاً منه على سلامة سير إجراءاتها من دون أي تدخل من جانب أجهزة الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، فيما سمح بنشر جلسة الحكم قبل الأخيرة التي أعلن فيها إحالة أوراق المتهمين على مفتي الديار المصرية للتصديق على إعدامهما، وكذلك الجلسة الأخيرة التي أصدر فيها حكماً بإعدامهما الذي اقترن بموافقة المفتي. وتعقد جلسات إعادة المحاكمة بضاحية التجمع الخامس في القاهرةالجديدة والتي لم يحل بُعدها - نحو 25 كيلومتراً عن وسط القاهرة - عن حضور الكثافة ذاتها من وسائل الإعلام، إذ تلقى المستشار جمعة - خلال نحو 48 ساعة فقط - قرابة 300 طلب تصريح لتغطية وقائع جلسات المحاكمة الثانية. وكانت محكمة النقض استندت في نقضها الحكم وإلغاءه وإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة أخرى من دوائر محكمة جنايات القاهرة، إلى قيام الأخيرة بتأويل أقوال الشهود على غير مقاصدها والإخلال بحق الدفاع والقصور في تسبيب الحكم. وأوضح مصدر قضائي رفيع المستوى أن تلك المحاكمة الثانية للمتهمين هي حلقة وسط في سلسلة للوصول للقول الفصل البات والنهائي في القضية حيث يحق للمتهمين والنيابة العامة عقب صدور الحكم الجنائي الثاني سواء بالإدانة أو البراءة، اللجوء إلى محكمة النقض مرة ثانية وأخيرة والتي لها إما أن تؤيد الحكم الجنائي الثاني والأخير، فيصبح باتاً ونهائياً ولا رجعة فيه، أو أن تقضي بنقض الحكم في هذه الحالة وتباشر محكمة النقض بذات تشكيلها المحاكمة الجنائية الثالثة والأخيرة للمتهمين والتي يكون حكمها فيه باتاً ونهائياً ويسدل الستار على القضية برمتها.