حضّ خبراء اقتصاد في العراق، على البحث عن بدائل لزيادة الإيرادات المالية من قطاعات إنتاجية غير النفط، لدعم الموازنة العامة. واعتبروا أن تفعيل الزراعة ربما يكون الأهم للخروج من الأزمة المالية، نتيجة انخفاض أسعار النفط، بوضع استراتيجية تُعنى بقطاع الزراعة والمياه. ودعت أوساط معنيّة إلى درس مضمون تقرير نشره سفير العراق السابق في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، حسن الجنابي، على موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين، والاستفادة من معطياته التي تحذّر من «نتائج عدم بناء رؤية زراعية شاملة تلبي المتغيرات التي يشهدها القطاع حالياً، والصعوبات التي يواجهها العاملون فيه». ولفت الجنابي في تقريره، إلى «تدهور إنتاج الغذاء في العراق في شكل ملحوظ منذ عقود، نتيجة ظروف معروفة تحوّل معها مستورداً صافياً للغذاء وبنسبة تزيد عن 70 في المئة من حاجات السوق في بعض المحاصيل. كما تقلّصت المساحات الخصبة المزروعة، وتوسعت المدن في شكل عشوائي على حساب الأراضي المنتجة». وأشار إلى «توقف عملية استصلاح الأراضي منذ تسعينات القرن الماضي من الناحية العملية، ولم تنجز عمليات استصلاح حقيقية في جنوببغداد، وهي متأخرة عن أوانها عشرين سنة». وأوضح أن إنجازها وتشغيل ما تحقق منها يجب أن «يستندا الى المعطيات المائية الجديدة وليس القديمة». ولم يغفل الجنابي أيضاً، «تدهور إنتاجية الأرض في شكل لا سابق له»، عازياً ذلك إلى «تفتيت الملكية والهجرة من الأرياف والحروب، والجفاف وشح المياه وتلوثها وارتفاع حرارة سطح الأرض، ما أوصل غلة الدونم الواحد إلى حدودها الدنيا على رغم التحسن الطفيف الطارئ أخيراً نتيجة الدعم الحكومي واستخدام تقنيات ري حديثة». ولاحظ عضو منتدى بغداد الاقتصادي، عبدالعزيز حسون، ظاهرة «استيراد العراق الفواكه والخضر، وغياب المنتج المحلي الذي تزداد كلفته المادية وتقلّ جودته، ما جعل المزارعين يعزفون عن زرع أراضيهم والتخلّي عنها كمورد اقتصادي، في وقت يشهد العراق ضائقة مالية كبيرة بسبب تراجع أسعار النفط». وأشار إلى «انخفاض المحاصيل من الفواكه والخضار إلى مستويات متدنية وخطيرة، إذ بعدما كان العراق يصدّر آلاف الأطنان من المحاصيل المتنوعة إلى دول الخليج والبلدان الآسيوية والأوروبية، ويحقق اكتفاء ذاتياً في أكثر من محصول، بات يشتري من الخارج ما كان ينتجه محلياً». وأعلن حسون أن في القطاع الزراعي «مشاكل كثيرة، منها عدم وجود تنظيم لتوزيع الحصص المائية لأصحاب البساتين والأراضي التي تزرع المحاصيل الصيفية والشتوية، وغياب الدعم الحكومي لتأمين حاجات الفلاح من الآليات والأسمدة التي تباع في الأسواق بأسعار مرتفعة، ما أدى الى كساد المنتج المحلي وبيعه بخسارة أو بما يعادل كلفة إنتاجه فقط، ما أضرّ بالزراعة والمزارعين». وشددت لجنة الزراعة والمياه النيابية على أهمية الاستفادة من القروض التي أطلقها المصرف الزراعي لتطوير الإنتاج الزراعي، ودعت إلى تشكيل لجان متخصصة لمتابعة تنفيذ هذه القروض ومراقبتها. وأوضح رئيس اللجنة، فرات التميمي، أن الهدف من القروض هو «إنشاء مشاريع زراعية ينفذها القطاع الخاص»، مؤكداً ضرورة «خضوع هذه المشاريع لدراسات متخصصة حول جدواها الاقتصادية». ولفت التميمي إلى أن «قيمة القرض بلغت 1.6 تريليون دينار، أي نحو 1.4 بليون دولار من أصل خمسة تريليونات، خصّصها البنك المركزي العراقي لدعم القطاعات الإنتاجية». وأوضحت وزارة الزراعة أن «المزارعين والفلاحين من الفئات الهشة والمنتجة في المجتمع العراقي التي تحتاج إلى دعم متواصل»، مشيراً إلى «تخصيص تريليوني دينار لدعم القطاع الزراعي عبر المصرف الزراعي من أصل القرض المخصص من «المركزي». وفي موضوع أزمة المياه، أملت لجنة الزراعة والمياه النيابية ب «إيجاد حلول لهذه المشكلة المتجددة سنوياً»، معتبرة أن في إمكان الوزارة «تنفيذ هذه المشاريع الخاصة بالمياه والري بطريقة الدفع الآجل أو الاستعانة بالمنظمات الدولية لمعالجة هذه المشكلة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة». ودعت اللجنة الجهات الحكومية إلى «تشكيل خلية أزمة تدير موضوع المياه، إذ لا يمكن التغاضي عنها في الظروف الحالية». وأكد «عدم وجود حلول ناجحة وسريعة حالياً»، متوقعاً «تفاقم المشاكل ما لم تجد الجهات المعنية مخرجاً لها».