كشف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس، مقاربات جديدة للتعاطي مع الشباب المصري، غلب عليها الطابع الاقتصادي، قبل أن يتوعد ب «قمة البأس» حيال محاولات تقويض الأمن والاستقرار، مكرراً تعهداته «عدم السماح بسقوط مصر». تصريحات السيسي التي جاءت في حفل أقيم أمس في دار الأوبرا المصرية لمناسبة «يوم الشباب»، جاءت قبل أيام من إحياء الذكرى الخامسة لثورة 25 كانون الثاني (يناير)، وعلى وقع زيادة في وتيرة العمليات الإرهابية التي استهدفت قطاع السياحة، لكن الرئيس المصري لوح ب «قمة البأس» حيال محاولات سقوط مصر. وقال موجهاً حديثه إلى الشباب: «أخاطب الشعب المصري، برفق، لأن هذا الشعب آسى كثيراً، لكن القوة ليست بالصوت العالي، القوة بالقرار والوقفة، لدينا ظروف صعبة»، قبل أن يشدد على أن هذا «ليس معناه السماح بإضاعة مصر. لين الكلام وحسن الخلق، ليس إلا قمة البأس». وأشار إلى أن مصر «كانت على المحك خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأهل الشر لا يزالون مصريين حتى صباح اليوم (أمس)، لا يعرفون غير القتل والتخريب والتدمير»، وأضاف مخاطباً الشباب: «ستتحملون مسؤولية وطن يقطنه الآن 90 مليون يريدون العيش في أمان وسلام، وهذا لن يتحقق من دون وجود شباب واع يعلم بتحديات بلده، تطور الأمم لا يحدث في يوم وليلة». وقلل السيسي من مخاوف لغياب التمثيل السياسي للشباب، مؤكداً أن «ما تحقق وإن كان غير مرضٍ لكنه خطوة على طريق تجربة مصر التي لا بد أن تنجح، لدينا نحو مئتي نائب داخل البرلمان تحت سن 45 سنة، بينهم 60 نائباً أقل من سن 30، وهناك أكثر من 80 سيدة، وهذا ليس أقصى ما نتمناه، نطلب دائماً مزيداً من النجاح والتطور، هذه حالة بلدنا ويجب أن نقف إلى جوار بلدنا». ولفت السيسي في كلمته إلى أن شبابنا الأبطال من الجيش والشرطة «يضربون أروع الأمثلة في التضحية لحماية الوطن من أهل الشر، الذين أرادوا أن يزرعوا الفوضى والعنف في أرضنا الطيبة، وكذلك كان شبابنا المتحمس يشق قناتنا الجديدة (قناة السويس الجديدة)، نحو المستقبل وينشئون منظومة الطرق القومية ويستزرعون الصحراء بعزيمة لا تلين». وأشار إلى أن الإنسان «ابن تجربته، فلا تتخلوا عن تجربتكم ولا تتركوا شخصاً أو جهة تنال من عزيمتكم لأن التحدي أمام الوطن كبير وهائل. الوطن يواجه بكم معركة بقاء، تحتاج إرادة حقيقية وصلبة ضد ما يُحاك له». وقال للشباب: «تمسكوا بوطنكم وآمِنوا به ضد من يدفعكم دفعاً للكفر به، تمسكوا بالأخلاق وصحيح الدين ضد من يستخدمونه وسيلة لتحقيق مكاسب ضيقة». مشدداً على إن الدولة المصرية «تدرك تماماً أن هذا الوطن ليس مخصوصاً لطائفة دون أخرى وليس مصادَراً لحساب جماعة أو فئة أو تيار أو فصيل، إنما هو وطن يتسع للجميع ويشكله الجميع، دون استثناء». وأعلن العام 2016 «عاماً للشباب المصري»، قبل أن يحدد استراتيجية غلب عليها الطابع الاقتصادي، للتعاطي مع قطاعات الشباب. وقال: «بدأنا في إطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، كي يكون هذا النموذج قاعدة تشمل كل مؤسسات الدولة، كما كان انطلاق مشروع بنك المعرفة المصري نموذجاً آخر لإتاحة المعرفة والعلوم كحق أصيل للمصريين». وأضاف: «أصدرت حزمة من القرارات لتفعيل دور الشباب في منظومة العمل، فكلفت المصرف المركزي باستغلال كل إمكانات القطاع المصرفي، لتنفيذ برنامج شامل لدعم وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال توجيه المصارف، بتعزيز فرص تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للشباب، حيث سيقوم القطاع المصرفي بضخ 200 بليون جنيه (25 بليون دولار)، بسعر فائدة لا يزيد عن خمسة في المئة سنوياً ومتناقص، كما وجهت وزارة الإسكان بالانتهاء من بناء 145 ألف وحدة سكنية بالإسكان الاجتماعي للشباب خلال العام الجاري، وكلفت القائمين على مشروع استزراع مليون ونصف مليون فدان أن يخصصوا نسبة ملائمة من الأراضي بالتملك للشباب». وقال السيسي: «أمرت بتشكيل لجنة قومية متخصصة لتحديث المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية، حتى تُراعي أحدث ما وصلت إليه الدراسات العالمية، وترسيخ لمنظومة الأخلاق وإطار القيم الوطنية، على أن تنتهي من عملها خلال ثلاثة شهور، كما وجهت المجالس التخصصية التابعة للرئاسة لإطلاق منتدى للحوار مع الشباب، بحيث يكون نواة فاعلة لقناة اتصال حقيقية بين الدولة والشباب، ويكون نتاج هذا الحوار، بلورة صيغة متكاملة لرؤية مشتركة بين الدولة والشباب يتم مناقشتها في مؤتمر يُعقد في مدينة شرم الشيخ خلال أيلول (سبتمبر) المقبل».