"أركض كالفراشة، وألسع كالنحلة". تلك كانت العبارة الشهيرة التي وصف بها الملاكم الاسطورة محمد علي كلاي، أسلوبه المتفوّق في الملاكمة. ويرى كثير من العلماء أن القوة البصرية هي أساس التفوّق في الرياضة، فهل يعني ذلك ان محمد علي كلاي كان يرى "أسرع" من غيره، فيتفوّق؟ هل كان بصره "يلسع" أسرع من سواه، فيفوز؟ ربما. إذ أظهر بحث علمي ان النحلة تمتلك بصراً متفوقاً، وأنها ترى أسرع من الإنسان بخمس مرات. وأجرى البحث فريق علمي في كلية "كوين ماري" بجامعة لندن، ونشر (أمس) في مجلة متخصصة بعلوم الأعصاب هي "جورنال أوف نيوروساينس" Journal of Neuroscience، كما ظهر على موقعها الالكتروني. ويعطي هذا البصر البرقي للنحلة القدرة على رؤية سريعة ودقيقة للألوان، ما يمكنها من الطيران بسرعة عبر غابة ظليلة مثلاً، والوصول الى ما تبحث عنه من زهور ونباتات. ومنذ زمن، يعرف العلماء ان الحشرات الطائرة تتمتع ببصر سريع، يمكّنها من النجاة ممن يسعون لقتلها، ومن التقاط بعض طرائدها من الحشرات الطائرة الصغيرة الحجم. وأثبت بحث البروفسور لارس شيتكا والدكتور بيتر سكوروبسكي، المُشار آنفاً، ان النحلة تتميّز عن تلك الحشرات بأنها تحتفظ بالمدى الكامل للإبصار، بما فيه تميّز الألوان، أثناء طيرانها السريع الذي يدعمه بصر فائق السرعة أيضاً. ولاحظ البحث ان البشر لا يتوصلون بسهولة الى متابعة حشرة تطير بسرعة كبيرة، لكن تلك الحشرات تستطيع رؤية بعضها بسهولة. وتعتمد سرعة النظر على قدرة أعصاب الضوء في شبكية العين على التقاط "صور سريعة" للعالم، وإرسالها الى المنطقة المتخصصة في البصر داخل الدماغ. وفي ملمح مثير، بيّن البحث عينه ان النحلة تستهلك طاقة أكبر أثناء استعمال البصر الكامل أثناء الطيران، بمعنى أنه يشمل القدرة على تمييز الألوان، من تلك التي تستهلكها أثناء استخدامها للبصر الذي لا يرى سوى الأبيض والأسود.