يقال في عالم كرة القدم «الأساطير تبدع في الملاعب لا في المقاعد»، ويروى عن خبراء اللعبة بأن أنجح اللاعبين ليس بالضرورة أن يواصلوا تألقهم حينما يتحولون إلى مدربين، ولأنه اعتاد كسر كل القواعد، فإن الفرنسي زين الدين زيدان اختار أن يخوض تحدٍ جديد مع هذه المستديرة، بعد أن استنجد به فريقه السابق ريال مدريد الإسباني ليتولى الإشراف عليه. زيدان الذي اختاره المنصب ولم يختاره هو، بعد أن رفض في مرات عدة فكرة التدريب، وردد بتواضع «لست مؤهلاً بعد، لقيادة ريال مدريد»، وكأنه أراد بذلك أن يعود إلى عالم كرة القدم كبيراً كما غادرها من أكبر أبوابها، إذ إن الساحر الفرنسي ذو الأصول الجزائرية ما زال حبيساً داخل قلوب كثير من المتلذذين بكرة القدم. عشاق الأسطورة الفرنسي، يتخوّفون من أن تصدق القاعدة أعلاه مع نجمهم، خصوصاً إذا ما عادوا بذاكرتهم إلى كثير من التجارب التدريبية غير الناجحة لأبرز من ركل كرة القدم. وإذا كان الأرجنتيني دييغو مارادونا أشهر متعاطي لكرة القدم في ما مضى، فإن اسمه بالكاد يذكر هذه الأيام بعد أن اختار مهنة التدريب، التي فشل بها بنجاح، بعد أن كتب نهاية حزينة لمسيرة بلاده في المونديال الأفريقي 2010، ليتوالى بعدها الفشل، قبل أن ينتهي به المطاف إلى عالم مجهول. مارادونا ليس الأسطورة الوحيدة التي راحت ضحية هذه المهنة، فالأمثلة لا تكاد تحصر، وإن كان لابد من ذكر تجربة أسطورة ألمانيا وهدافها الشهير يورغن كلينزمان، الذي عجز عن تحقيق أي إنجاز يذكر خلال مسيرته التدريبة التي طال عمرها عن 10 أعوام. أساطير كروية عدة اختارت التواري، والمحافظة على سيرتها العبقة في عالم المستديرة، في وقت تعملق في المهنة، أقل اللاعبين شهرة وربما أندرهم عطاءً داخل المعلب، كالداهية البرتغالي جوزيه مورينيو وغيره من لاعبين لم يعرفوا إلا بعد أن تربعوا على مقاعد البدلاء. «زيزو» كما يحب عشاقه مناداته، سيكون هو المدرب ال11 في عهد رئيس لا يرحم مدربيه، وملف «الإقالات» الأقرب إلى طاولة مكتبه، كيف لا وإذا أدركنا بأن فلورنتينو بيريز أطاح بأفضل العقول التدريبة، حتى وهم يقودون فريقه لتحقيق كل ما يحلم به غيرهم. لكن ابن ال43 خريفاً، أكد في أول ظهور له بمهنته الجديدة: «إنه تحدٍ صعب لكنه محفز في الوقت ذاته. أريد مواجهة هذا التحدي وسأبذل قصارى جهودي لإحراز الألقاب»، وواصل من اعتاد الجشع الإبداعي: «اليوم الكبير قد أتى، سنحت لي الفرصة لتولي الإشراف على هذا الفريق وقد قبلت المهمة». وسواءً كسب زيدان كل تلك التحديات السابقة، فبالتأكيد فإنه مهما بلغ به الأمر لن ينجح في إقناع رئيس ناديه الذي أطاح بعشرة من عباقرة كرة القدم من قبله (فيسنتي دل بوسكي، كارلوس كيروش، كاماتشو، ريمون، لوكسمبورغو، لوبيز كارو، مانويل بيليغريني، جوزيه مورينيو، كارلو انشيلوتي، رافايل بينيتيز).