بعد ساعات من إفراج السلطات الأردنية عن نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» زكي بني ارشيد، أطلق الأخير تصريحات وصفها المراقبون ب «الحادة». وقال «الرجل القوي» في «الإخوان» خلال استقبال مهنئيه، إن «المشهد الأردني لم يعد في حاجة لتضييع المزيد من الوقت وهدر الطاقات، بعد أن صار مجتمعاً مشبعاً ومثقلاً بالجراح، وبسوء الإدارة والتدبير والتقدير والتعبير»، مضيفاً أن «الأردن اليوم بحاجة إلى «الأحرار لمواصلة المسار على أن لا يلتفتوا إلى الخلف أو الوراء». وفوتت السلطات الرسمية في البلاد الفرصة على حشود إخوانية كانت تحضر لاستقبال شعبي للقيادي البارز لحظة الإفراج عنه من سجن ماركا وسط العاصمة الأردنية، بعد أن أفرجت عنه في وقت مبكر من فجر أمس، فيما كانت حشود المستقبلين تستعد للاحتفال مع بدء ساعات العمل أمس. وأنهى بني ارشيد مدة حكمه عاماً ونصف العام مخصومة، بسبب «حسن سيره وسلوكه في السجن»، حيث كانت اعتقلته السلطات الأمنية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 ، بتهمة «تعكير صفو العلاقات مع دولة الإمارات»، وذلك بمقال نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك». وأمام ذلك، بدا أنصار الحركة الإسلامية في الأردن أكثر إصرارا على تنظيم احتفالية خاصة ب «الرجل القوي» في الجماعة، عندما أقاموا حفلة استقبال لضيوفه ومؤازريه أمام منزله في منطقة أبو نصير، شمال عمان، حيث كان متوقعاً أن يخاطب بني ارشيد زواره عند دخوله وعلى يمينه المراقب العام للجماعة همام سعيد، الذي تنتهي ولايته في نيسان (أبريل) المقبل. تلك الصورة، وإن مهدت الطريق أمام بني ارشيد كمنافس قوي على موقع المراقب العام للجماعة في الانتخابات القادمة، فإنه خطابه الذي توجه فيه لضيوف خيمته، قد بث معه صورة للمرحلة المقبلة للعلاقة بين «الإخوان» والمؤسسات الرسمية. وكان بني ارشيد دخل على وقع هتافات شباب الحركة الإسلامية التي نادت «ارفع راسك بالعالي، ما بنهاب الزنازين، وليسقط كل الفاسدين»، فيما توجه بشكر مؤازريه، منتقلاً من اللهجة «الحادة» في كلماته إلى لهجة «التحذير». وقال «إذا كان أصحاب القرار يطالبون الشعب بالتجديد، فهذا الميدان ومرحباً، على أن لا يكون مفهوم التجديد هو مفهوم التطويع أو الاستخدام، فالشعب الأردني هو شعب الأحرار، لا يقبل الضيم، ولا يقيم عليه، وأن المطلوب وبأمل أن لا توضع عقبات أمام الجديد والتجديد. فالجديد والتجديد ليسا انصياعاً لرغبات الصهيوني والأميركي في المنطقة، وإنما الجديد هو الحاجة للسواعد، ومشروع يصنعه الأحرار». وتأتي لحظة الإفراج عن بني ارشيد في أعقاب استقالات جماعية تقدمت بها مبادرة «الشراكة والإنقاذ» من حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسي للجماعة. أمام حالة انقسام «إخوان الأردن» على ثلاث جبهات (مجموعة زمزم، وجمعية الإخوان المسلمين المرخصة، والإنقاذ)، وهو ما حدث خلال عام السجن لبني ارشيد، من المتوقع أن يكون لتعليقات «الرجل القوي» وقع خاص، فبالإضافة لشخصيته الكاريزمية، فإنه محسوب على التيار الصقوري داخل الحركة، الذي يسيطر على المواقع القيادية الأولى منذ العام 2007، بعد الإطاحة بتيار الحمائم في أعقاب نتائج الانتخابات النيابية التي جرت خريف ذلك العام وشهدت تجاوزات واسعة، وحصد ستة فقط من الإسلاميين مقاعد في مجلس النواب الخامس عشر. ويتطلع مراقبون أن يقدم بني ارشيد موقفاً حاسماً في ما تشهده الحركة الإسلامية من انشقاقات يقودها هذه المرة رموز تاريخية داخل الجماعة، وإن كانت تتسم المواقف اليوم داخل الحركة بالتوتر بين الأعضاء، فقد رصدت «الحياة» تهنئة قيادات «مجموعة الإنقاذ» لبني ارشيد خلال حفل الاستقبال أمس. وفيما شهد مطلع الأسبوع الحالي تراشقاً إعلامياً بين قيادات الحزب الحالية ومجموعة المستقيلين منه، فقد شهد أيضاً تناقضاً في تقييم موقف الحزب نفسه من استقالات مجموعة الإنقاذ. فبعد أن أصدر مجلس شورى الحزب (هيئة قيادية) بياناً أكد فيه أن «الاستقالات أخذت طابعاً دعائياً وإعلامياً صرفاً بهدف الضغط على قيادة الحزب الشرعية والقانونية والمعترف بها رسمياً وشعبياً والمشهود بحسن أدائها وإنجازاتها في نشر رسالة الحزب على امتداد ربوع الوطن بالخير والمحبة والمودة والانفتاح»، صدر بيان مختلف عن المكتب التنفيذي للحزب (هيئة قيادية) «ناشد» فيه المستقيلين بالعودة عن قرارهم، كما أكد حرص الحزب «الكبير على كل عضو من الأعضاء ليأخذ دوره الفاعل»، كما جاء في البيان قرار ب «عدم البت في هذه الاستقالات وتأجيل النظر فيها». ومحاولة في الاقتراب من مشهد الحركة الإسلامية في الأردن، فقد كان لافتاً أحجام المتخاصمين عن المواجهات الإعلامية، ففي حلقة أمس الأول من البرنامج التلفزيوني «نبض البلد» على شاشة «رؤيا» المحلية، تقاسم ضيفا الحلقة البرنامج مناصفة، من دون أن يظهرا سوية مبتعدين عن المناظرة، فحضر في النصف الساعة الأولى الناطق الرسمي باسم مجموعة الإنقاذ الإخوانية خالد حسنين، فيما حضر النصف ساعة الثانية من الحلقة الناطق الإعلامي باسم حزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة. في غضون ذلك، أصدرت (أ ف ب) محكمة أمن الدولة الأردنية أحكاما بالسجن من ثلاثة حتى سبعة أعوام ونصف بحق ثلاثة أردنيين من مؤيدي تنظيم «داعش» أدينوا بالتخطيط لاغتيال طيارين ورجال أمن. وقررت المحكمة في جلستها العلنية سجن اثنين من المتهمين سبعة أعوام ونصف بعد إدانتهما بتهمة «المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية والترويج لأفكار جماعة إرهابية»، فيما حكمت المحكمة على المتهم الثالث بالسجن ثلاثة أعوام بعد إدانته ب «استخدام الشبكة العنكبوتية للترويج لأفكار إرهابية وعدم الإبلاغ عن وجود مخطط إرهابي».