في يوم الثلثاء 30/3/2010 نشرت في الجريدة الالبانية الاكثر انتشاراً «بانوراما» مقالاً بعنوان «ترجمات كاداريه في العربية» بمناسبة صدور الترجمة الاخيرة لاحدى روايات كاداريه (الحصار ، بيروت 2009). أعيد نشر المقال في الصفحة الثقافية للجريدة الكوسوفية «زيري» في يوم الخميس 1/4/2010 و لم أتوقع أن يثير المقال مثل هذا الاهتمام الناشئ عن الاستغراب لما يحدث من «فوضى» في ترجمة الكتب في عواصم المشرق (القاهرةودمشقوبيروت) الى حد أن الرواية الواحدة لكاداريه تصدر بثلاثة اسماء للمؤلف وثلاثة عناوين مختلفة للرواية بما يخلق الانطباع بأنه لدينا ثلاث روايات مختلفة ! بدأت هذه «الفوضى» مع الرواية الاولى التي شهرت كاداريه في العالم «جنرال الجيش الميت» التي صدرت له في 1963. صدرت هذه الترجمة في دمشق عن وزارة الثقافة في 1981 بترجمة عبداللطيف الارناؤوط عن الالبانية، الذي اختار لمؤلفها اسم «اسماعيل كاداره». وقد صدرت الرواية ذاتها في القاهرة عام 2001 ضمن «روايات الهلال» مترجمة عن الانكليزية ولكن المترجم عبدالحميد الجمال شاء أن يختار للمؤلف اسم «اسماعيل قدري». وكان من المتوقع أن يشير المترجم الجمال في مقدمته للترجمة الجديدة الى أي سبب لإعادة ترجمة الرواية الى العربية طالما انها قد ترجمت قبل سنوات عن لغتها الاصلية. وكان من المتوقع أيضاً أن تكون الترجمة الثانية أفضل من الترجمة الاولى، ولكن كل ترجمة حفلت بأخطاء كان يمكن تجنبها مع وجود أية مراجعة للترجمة. ولكن ما حدث مع «جنرال الجيش الميت» يهون مع ما حدث مع الرواية الاخرى لكاداريه «الحصن» التي كانت صدرت له في 1970. صدرت هذه الرواية عام 1986 في دمشق في سلسلة «روايات عالمية» عن وزارة الثقافة مترجمة الى العربية من لغتها الاصلية، حيث اختار أيضاً المترجم عبداللطيف الارناؤوط اسم «اسماعيل كاداره « لمؤلفها. أعيد اصدار هذه الرواية في القاهرة ضمن سلسلة «روايات الهلال» ولكن باسم جديد لمؤلفها (اسماعيل قدري). وما بين الطبعة الاولى والثانية للرواية صدرت عام 1990 في بيروت عن دار الاداب ترجمة جديدة للرواية عن الفرنسية وبالاسم الصحيح لمؤلفها (اسماعيل كاداريه). ومع أن هذه الرواية ترجمت عن لغة وسيطة (الفرنسية) الا انها كانت أفضل من غيرها وساهمت في التعريف بكاداريه نظراً الى سمعة الدار التي أصدرتها . ولكن المترجم محمد عويضة ترجم العنوان كما وجده في الطبعة الفرنسية «طبول المطر»، ليشيع انطباعاً أن هذه رواية أخرى لكاداريه. ويبدو هذا في التعريف بكاداريه في الطبعة الجديدة ل «الحصن» الصادرة في القاهرة حيث يرد ضمن روايات كاداريه «طبول المطر» وكأنها رواية أخرى! ولكن هذه «الفوضى» لم تكتمل الا في الايام الاخيرة من 2009 حين صدرت هذه الرواية في بيروت بترجمة جديدة عن الانكليزية وبعنوان جديد (الحصار) عن الدار العربية للعلوم بالتعاون مع مشروع «كلمة». وكان من المتوقع أن يشير المترجم محمد درويش في مقدمته للترجمة الجديدة الى سياق هذه الترجمة ضمن روايات وترجمات كاداريه الى العربية. ولكن المترجم مع تأكيده أن كاداريه «أديب ألباني عرفه العرب منذ بضعة عقود» الا أنه لا يشير الى كون هذه الرواية ترجمت مرتين قبل ذلك، وربما انه لا يعرف أن «الحصار» هي نفسها «طبول المطر» و «الحصن». ولا نريد هنا أن نقارن الترجمة الجديدة مع الترجمتين السابقتين، لأن المجال لا يحتمل ذلك، ولكن لا بد هنا من شهادة لمصلحة المترجم محمد درويش الذي اجتهد في مقدمته في التعريف بكاداريه وعلاقته بالنظام الشمولي السابق وفي تحليل روايته في شكل أفضل من سابقيه، مع أن ما أورده قابل للنقاش معه وبخاصة حول تفسيره للسياق التاريخي للرواية، وهو ما نتركه لمناسبة أخرى. مع هذه «الفوضى» في ترجمة روايات كاداريه الى العربية تبدو الصورة قاتمة وغير مريحة للمؤلف المعروف على صعيد العالم. فالأصل أن يكون المؤلف على علم وأن تكون هذه الترجمات تمت بموافقة من دار النشر الاصلية أو من صاحبة الحق بأعمال كادرايه، ولكن لا هذا ولا ذاك كان يتم عموماً والدليل على ذلك أن معظم ترجمات كاداريه الى العربية لم تدخل ضمن العمل المرجعي للباحث الالباني باشكيم كوتشوكو «كاداريه في لغات العالم» الذي صدر في طبعته الثانية في تيرانا خلال 2005.