أوضح القاضي السابق الدكتور فهد الحسون أن إجماع 13 قاضياً على الأحكام القضائية شرط تنفيذ القتل بالحرابة أو التعزير، وهو ما تحقق في قائمة المحكومين ال47، التي أصدرت وزارة الداخلية بياناً أول من أمس بحقهم. وشدد على أن «النظام السعودي كفل للمحكوم عليهم كل الضمانات اللازمة للتحقق من صحة الأحكام، استناداً إلى مقتضيات وأسس الشريعة الإسلامية»، مشيراً إلى أن «هذه الأحكام مرت بجميع درجات التقاضي، وكل حكم منها صدر من دائرة جزائية ابتدائية مكونة من ثلاثة قضاة، وصادقت عليها دائرة جزائية استئنافية مكونة من خمسة قضاة استئناف، وصادقت عليها دائرة في المحكمة العليا مكونة من خمسة قضاة». وكشف الحسون أنه بعد المرور بكل هذه المراحل «تمر الأحكام عبر المئات من الاختصاصيين من محققين ومستشارين للتيقن من أركان وجوبها»، مضيفاً أن «المشرع السعودي اشترط لتنفيذها إجراءات مشددة واحتياطات عدة، لعظم أمر حرمة الدماء في الإسلام». واختتم الحسون قوله بتأكيد أن «تنفيذ هذه الأحكام في حق ال47 إرهابياً هو تطبيق لشريعة الله وعدالة الإسلام». من جهته، أعاد القاضي السابق عبدالعزيز الشبرمي الأسباب القضائية الفقهية لإيقاع حكم التعزير ب47 مداناً بالإرهاب، إلى «ارتكاب الفتنة وإخافة السبيل ونشر الفوضى وحمل السلاح»، فضلاً على ارتكاب جريمة القتل والاعتداء على الدماء المحرمة وإزهاق الأنفس المعصومة، مؤكداً أن هذا الحكم رادع لمن يجرؤ على هذه الجرائم. ولا يشك الشبرمي في حديثه إلى «الحياة» في أن «من مسؤولية الإمام أو الحاكم حفظ ضرورة الأمن لإقليم دولته وسيادته، بفعل الأسباب المادية والشرعية لاستتباب السلم والأمن ودفع كل ما من شأنه إثارة الخوف ونشر الفوضى»، واصفاً نصوص الشريعة الإسلامية بالصارمة الحازمة في الضرب بيد من حديد على كل من يريد شق صف الجماعة أو ينخلع من طاعة واجبة أو يدعو إلى فتنة عارمة. وأوضح أن مبدأ قتل الخارجين على ولي الأمر والمنازع للحكم والمفارق لجماعة المسلمين مأخوذ من الشريعة، مضيفاً «إذا اجتمع مع هذا حمل السلاح على ولي الأمر وإعلان الحرب عليه بإزهاق النفوس وإسالة الدماء وإخافة السبيل، فإن ذلك يكون بغياً وحرابة تستوجب القتل حداً من حدود الله». ونبّه الشبرمي إلى أن القضاء السعودي، الذي يستمد أحكامه القضائية من الشريعة الإسلامية، يحتاط للدماء احتياطاً لا نظير له في القضاء العالمي (في قديم الزمن وحديثه)، من حيث تنوع درجات التقاضي وعدد القضاة في كل واقعة، ووجوب الحكم الحضوري ولو مع وجود محامٍ للمتهم. وبيّن دقة القضاء الشرعي في السعودية، من خلال اشتراط نظام الإجراءات الجزائية لصدور الحكم الابتدائي في أحكام القتل والإتلافات، بجميع حالاته، حداً أو تعزيراً أو قصاصاً، من جانب ثلاثة قضاة، ثم يخضع لتدقيق خمسة من قضاة الاستئناف، ثم تأييد خمسة قضاة من المحكمة العليا، ثم يُرفع إلى ولي الأمر ومستشاريه القضائيين للأمر بتنفيذه أو مراجعته في احتياط شديد وتحوط كبير للدماء والرقاب، مشدداً على أن هذه الإجراءات تبعث الطمأنينة. وأكد الشبرمي أن «الحق وحده هو المراد وأن العدل هو المبتغى، وذلك أخذاً بالأسباب الشرعية ونشداناً لبراءة الذمة، بعيداً عن العنف والانتقائية وانتهاك حقوق الإنسان، وليغلق الباب ويوصد أمام كل ناعق يبغي الفتنة ويشكك في نزاهة القضاء وعدل السلطان وقانونية العقوبات وضمانات العدالة».