شيّع عشرات آلاف الفلسطينيين، أمس، جثامين 23 شهيداً أفرجت عنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الجمعة، بعد احتجاز دام فترات طويلة متفاوتة. ففي الخليل، خرج الآلاف للمشاركة في تشييع جثامين 17 شهيداً من المحافظة، على رغم البرد الشديد والمطر. وانطلق موكب التشييع من المستشفى الأهلي الى مسجد الحسين في المدينة، حيث صُلي عليهم قبل أن يواروا الثرى. وجرى تشييع الجثامين الستة الأخرى في مناطق جنين ورام الله. وحمل المشاركون في التشييع، أعلاماً فلسطينية الى جانب أعلام الفصائل الفلسطينية المختلفة التي واكبت سيارات الإسعاف التي نقلت الجثامين. وأفرجت السلطات الإسرائيلية أول من أمس، عن جثامين 23 من شهداء الضفة الغربية الذين احتجزتهم منذ بدء الهبة الشعبية للضغط على عائلاتهم، لكنها واصلت احتجاز جثامين شهداء مدينة القدس البالغ عددهم 15. ورفضت عائلات الشهداء الذين سقطوا في هجمات، وعددهم 86 شهيداً، الشروط الإسرائيلية للإفراج عن جثامينهم، في مقدّمها تشييعهم في حضور عدد قليل من أفراد عائلاتهم أثناء الليل، وعدم تشريح جثامينهم، ما اضطر تل ابيب للإفراج عنهم من دون قيد أو شرط. وقال خبراء في الشؤون الإسرائيلية، إن الدولة العبرية وجدت الاحتفاظ بهذا العدد الكبير والمتزايد من جثامين الشهداء عبئاً كبيراً عليها، لأن الأمر يتطلب الاحتفاظ بهم في ثلاجات خاصة لفترة طويلة من الوقت. واعتبرت عائلات الشهداء الإفراج عن جثامينهم نصراً لها ولصبرها. وقال طه قطناني، والد الشهيدة أشرقت قطناني: «رفضنا كل شروط الاحتلال، ما اضطره في النهاية الى الرضوخ لإرادتنا». وأشار الى أنه رفض دفن جثمان ابنته البالغة من العمر 16 سنة، قبل أن يجري تشريحها للوقوف على أسباب الوفاة. وكانت أشرقت تعرّضت للدهس أواخر شهر تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي، من جانب أحد قادة المستوطنين قبل أن يطلق عليها النار عندما حاولت طعن مستوطنين في موقع للحافلات قرب مدينة نابلس. وأضاف والد أشرقت أن جثمان ابنته الصغيرة عبارة عن «قالب من الجليد». وأضاف: «جرى الاحتفاظ بالجثامين تحت درجة حرارة منخفضة جداً، ما أدى الى تحوّلها الى قوالب من الجليد». وزاد: «هذا أدى الى إعاقة إجراء تشريح لهذه الجثامين، لذلك فإننا ننتظر حتى يصبح الجثمان في حالة يمكن تشريحه». ومن بين الفلسطينيين الذين تم تشييع جثامينهم، باسل سدر (20 سنة) الذي احتجزت إسرائيل جثته منذ 14 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعد أن حاول طعن عنصر أمن إسرائيلي قرب البلدة القديمة في القدسالشرقيةالمحتلة. وقال والده باسم قبل الجنازة، إن «باسل هو الشهيد الأول الذي احتُجز عند اسرائيل» لمدة أكثر من 80 يوماً. وأضاف: «الحمد لله رب العالمين، تم استلام جميع شهداء محافظة الخليل، وسنبقى نطالب بباقي الشهداء، شهداء القدس، إن شاء الله». وتتّهم منظمات حقوق الإنسان السلطات الإسرائيلية بقتل العشرات من الشبان والفتيات الفلسطينيين، في وقت يمكنها السيطرة عليهم واعتقالهم. وأعلنت إسرائيل سلسلة إجراءات مشدّدة أمام توالي أعمال العنف منذ تشرين الأول، وبينها حجز جثث، ما أثار انقساماً بين الجيش المؤيد لإجراءات تؤدي الى تهدئة الأجواء ووزير الأمن العام جلعاد أردان. وأيد الوزير حجز جثث كي لا تتحول مراسم الجنازات في شكل منهجي الى تمجيد للهجمات ضد إسرائيليين. وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة، إعادة جثث 23 شهيداً فلسطينياً في مبادرة تهدف، على ما يبدو، الى التخفيف من التوتّر الحالي بين الجانبين بعد استشهاد 138 فلسطينياً و20 قتيلاً إسرائيلياً منذ الأول من تشرين الأول. والشهداء في غالبيتهم هم منفّذو هجمات أو تتّهمهم إسرائيل بذلك. وحجز إسرائيل جثث الفلسطينيين الذين يقتلون برصاص قوات الأمن الإسرائيلية، يثير الاستياء والغضب في المجتمع الفلسطيني، كما يزيد من مشاعر النقمة لديه. ولم يبقَ سوى 17 جثة لدى إسرائيل، منها 15 لفلسطينيين من القدسالشرقيةالمحتلة، كما قال أيمن قنديل، أحد المسؤولين الفلسطينيين المكلّفين هذا الملف. وأضاف أن مفاوضات جارية مع الإسرائيليين لاستعادة كل الجثث «سريعاً».