رأى المراقبون الدوليون السبت ان الانتخابات السودانية التعددية الاولى منذ ربع قرن والتي يعتبر الفوز فيها مضمونا للرئيس عمر البشير, لا ترقى للمعايير الدولية, وان كان يرجح ان تلقى اعترافا دوليا. وقالت رئيسة بعثة المراقبين الاوروبيين فيرونيك دي كيسير خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم ان "هذه الانتخابات لم ترق الى مستوى المعايير الدولية, ليس بعد". ومع ان الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر عبر عن راي مماثل بقوله "من الواضح ان هذه الانتخابات لن ترقى الى مستوى المعايير الدولية", فقد اعتبر مع ذلك في مؤتمر صحافي منفصل ان "القسم الاكبر" من المجتمع الدولي سيعترف بنتائج الانتخابات. وقال كارتر "اعتقد ان القسم الاكبر من المجتمع الدولي ممثلا بحكومات الدول الاعضاء, سيعترف بالنتائج" ولكن قرار قبول او عدم قبول نتائج الانتخابات "يعود الى كل بلد" على حدة. وفي تقييمها للانتخابات, اعتبرت مؤسسة كارتر التي اشرفت على الانتخابات في بيان انه "للاسف كانت هناك قيود على العديد من الحقوق السياسية والحريات خلال القسم الاكبر من هذه الفترة, ما اشاع حالة من انعدام الثقة لدى الاحزاب السياسية". واضاف البيان ان المؤسسة "سجلت العديد من الاخطاء واستنتجت ان العملية لا ترقى الى مستوى التزامات السودان والمعايير الدولية ذات الصلة". واعتبرت المؤسسة ان الانتخابات "كان ينقصها الضمانات والشفافية الضرورية للتحقق من (تنفيذ) الخطوات الرئيسية وارساء شعور بالامان والثقة في العملية". واعتبرت دي كيسير ان الانتخابات "واجهت صعوبات في مطابقة المعايير الدولية" لانتخابات ديمقراطية. وتابعت "لم تكن مطابقة لها كلها وانما لبعض منها. الخطوة التي انجزت هي خطوة حاسمة من اجل مواصلة (تنفيذ) اتفاق السلام الشامل, وهذا يعني مواصلة عملية السلام". واضافت "انها اجواء فريدة من نوعها انها خطوة كبيرة تمهد لاجواء ديموقراطية في السودان", معتبرة ان وجود مراقبين محليين خلال الانتخابات دليل على الرغبة في تحقيق "تحول ديموقراطي" في السودان. واضافت ان نسبة المشاركة في الانتخابات التي استمرت من الاحد الى الخميس "كانت مرتفعة جدا, 60%, لكن مع بعض العيوب", مشيرة الى تسجيل "تجاوزات اكبر في الجنوب منه في الشمال". وتطرقت دي كيسير الى تعرض ناخبين لضغوط وعن عدم التكافؤ في الموارد المالية لدى مختلف المرشحين لخوض الحملات الانتخابية وعدم التكافوء في اتاحة وسائل الاعلام للجميع, الى جانب المشكلات الادارية واللوجستية التي شابت الانتخابات وخصوصا في اليومين الاولين وتمثلت في تاخر وصول بطاقات الاقتراع وفي الخلط بين الاوراق او اخطاء في اسماء المرشحين او صعوبات لدى الناخبين في العثور على اسمائهم. وتحدثت رئيسة البعثة الاوروبية خصوصا عن "ضعف التنظيم" في الجنوب مشيرة الى تاخر العديد من مكاتب الاقتراع في فتح ابوابها وتاخر وصول مواد الاقتراع او وصولها الى مراكز خاطئة او حتى نقصها, والى مشكلات امنية. وقالت ان "مراقبينا سجلوا مشكلات تتعلق بالحبر وباختام صناديق الاقتراع وعملية التحقق من هويات الناخبين, وكذلك تقارير عن قيام اطفال قاصرين بالادلاء باصواتهم". وقالت مؤسسة كارتر كذلك ان الانتخابات في جنوب السودان شهدت ارتفاعا في الضغوط التي مورست على الناخبين والتهديد باستخدام القوة. واضافت "كانت هناك عدة حوادث قام خلالها الجيش الشعبي لتحرير السودان (القوة الرئيسية المسيطرة على الامن في الجنوب) بتخويف الناخبين وكانوا على مسافة قريبة جدا من محطات الاقتراع. وسجل في الجنوب تدخل السلطات الواسع في حملات مرشحي المعارضة". ويعتبر الفوز مضمونا للرئيس عمر البشير في الانتخابات التي تشكل محطة مهمة في اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005 والذي انهى الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب, تمهد لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الولاياتالجنوبية العشر في كانون الثاني/يناير 2011. واكدت المفوضية القومية للانتخابات ان نسبة المشاركة بلغت 60% وفق الارقام الاولية, في الانتخابات التي قاطعتها بعض احزاب المعارضة الرئيسية معتبرة ان الاجواء غير مهيأة لتنظيم انتخابات ديمقراطية بعد 21 عاما من حكم شمولي بقيادة الرئيس عمر حسن البشير الذي جاء الى السلطة اثر انقلاب في 1989. وشارك المئات من المراقبين الدوليين والالاف من المراقبين المحليين من منظمات المجتمع المدني في الاشراف على الانتخابات التي جرت في اجواء هادئة عموما. وبلغ عدد مراقبي البعثة الاوروبية 130 مراقبا انتشروا في عموم السودان ما عدا في اقليم دارفور المضطرب لاسباب امنية. وهي اكبر بعثة دولية مع مؤسسة كارتر التي تنشر قرابة سبعين مراقبا ولكنها تابعت العملية منذ بدء تسجيل الناخبين في تشرين الثاني/نوفمبر. وقالت انا غوميس, رئيسة بعثة البرلمانيين الاوروبيين التي تتابع الانتخابات في السودان "اننا نشاطر الراي" مع بعثة المراقبين الاوروبيين التي يفترض ان تنشر تقريرها النهائي بعد نشر نتائج الانتخابات الاسبوع المقبل. وبشأن الاف الشكاوى التي تلقتها مفوضية الانتخابات, قالت دي كيسير "هل سيدرسون كل هذه الشكاوى؟ الامر ليس واضحا بعد". وتتولى البعثة الاوروبية كذلك تقييم كيفية تعامل المفوضية السودانية للانتخابات مع هذه الشكاوى. ___________ * جيلان زيان وغيوم لافاليه