تدعو خطة الأممالمتحدة الرامية إلى وقف الحرب الأهلية المستمرة منذ نحو خمس سنوات في سورية إلى تحديد الجماعات المتشددة التي ربما يستدعي الأمر محاربتها حتى وإن تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار... إنها واحدة من أصعب القضايا التي تثقل على الديبلوماسيين الذين يحاولون إنهاء الصراع. وتشمل مسودة وثيقة للأمم المتحدة حصلت عليها «رويترز» ثمانية «مبادئ إطارية» تلتزم بها كل الدول وجماعات المعارضة المسلحة التي ستوقع اتفاق وقف إطلاق النار. وتطرح الخطة أيضاً قضايا لم يجر التفاوض عليها بعد ومنها تحديد «المنظمات الإرهابية المسموح بقتالها». وأكد ديبلوماسيان - اشترطا عدم نشر اسميهما - صدقية الوثيقة وشددا على أنها مجرد مسودة - أعدتها في الأصل الأممالمتحدة - وقالا إنه طرأت عليها تعديلات عدة على أيدي ديبلوماسيين من الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة وآخرين. وفكرة وقف إطلاق النار التي أيدها مجلس الأمن الدولي يوم 18 كانون الأول (ديسمبر) بطلب من قوى دولية وإقليمية كبرى من بينها الولاياتالمتحدة وروسيا وإيران وتركيا ستستبعد جماعات متشددة مثل تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» (جناح تنظيم القاعدة في سورية). ويقول ديبلوماسيون إن النتيجة قد تكون وقفاً فوضوياً وجزئياً لإطلاق النار توقف بموجبه الحكومة وفصائل المعارضة المسلحة المعتدلة القتال في ما بينها لكنها تواصل قتال متشددي «داعش» والجماعات الأخرى الموصومة بالإرهاب. ويرى ديبلوماسيون ومحللون أن تبعثر مقاتلي «جبهة النصرة» في شمال سورية بدل تركزهم في مكان واحد يفتح الباب أمام احتمال إلحاق ضرر بالمدنيين لدى شن هجمات على الجبهة كما قد يضر بالجماعات التي ستوقع على اتفاق وقف إطلاق النار المزمع. وأُسندت إلى حكومة الأردن مهمة تحديد الجماعات التي ستبقى عرضة للهجوم في أي اتفاق لوقف إطلاق النار. وفي مؤشر واضح على صعوبة المهمة، وافقت جماعة «جيش الإسلام» على المشاركة في محادثات السلام، لكن زعيمها زهران علوش قُتل يوم الجمعة في غارة جوية تقول مصادر بالمعارضة إن طائرات روسية نفذتها. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن مقتل علوش زاد من تعقيد الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية وأشارت إلى أن وزير الخارجية جون كيري أثار تلك المسألة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في محادثة هاتفية يوم الاثنين. وقال ديبلوماسيون إن ستيفان دي ميستورا - ثالث مبعوث للأمم المتحدة يتولى مسؤولية إنهاء الحرب الأهلية التي قُتل فيها ما يربو على 250 ألف شخص وشردت الملايين - أخذ زمام المبادرة حين طرح الأبعاد المحتملة لوقف إطلاق النار. وعبّر دي ميستورا عن أمله في أن يفتتح محادثات بين حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وجماعات المعارضة في جنيف يوم 25 كانون الثاني (يناير). وستركز تلك المحادثات على محاولة دفع الجانبين للاتفاق على عملية انتقال سياسي. وتجري محادثات منفصلة تتناول شكل وقف إطلاق النار وتتحدث مسودة الوثيقة التي حصلت عليها «رويترز» عن ذلك. ومن المرجح في ما يبدو أنه سيكون هناك اتفاق سريع على بعض المبادئ الإطارية مثل الاعتراف بوحدة الأراضي السورية لكن ستظل مسائل أخرى عبئاً قائماً ومنها المطالبة بانسحاب «المقاتلين الأجانب الموجودين في شكل غير قانوني في سورية». وقد تتيح تلك الصياغة للأسد المجادلة بأن المقاتلين الإيرانيين والروس والعناصر الشيعية العراقية وغيرهم ممن يدعمونه جاؤوا إلى سورية بدعوة منه ومن ثم فإن وجودهم قانوني وهو موقف ستقاومه بالتأكيد جماعات المعارضة والفصائل المسلحة. وتطرح الوثيقة ثلاثة نماذج محتملة لوقف إطلاق النار قد تختلف من منطقة لأخرى في سورية: - وقف لإطلاق النار يستبعد «جماعات غير مرغوب فيها» يفترض أنها «إرهابية». - وقف لإطلاق النار يشمل كل من يلتزم بالمبادئ الإطارية. - وقف محدود لإطلاق النار يقلل أعمال العنف من خلال حظر استخدام أسلحة معينة. وشدد الديبلوماسيون والمحللون على أن التحدي يتمثل في جمع حكومة الأسد وجماعات المعارضة والفصائل المسلحة إلى مائدة التفاوض ناهيك عن إلقاء السلاح. وقال فريد هوف المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية والمختص حالياً بالشؤون السورية لدى مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية (اتلانتيك كاونسيل): «الوثيقة برمتها تعكس حقاً مدى صعوبة تنفيذ وقف لإطلاق النار يشمل كل أنحاء سورية. وعندما أقول كل أنحاء سورية فإن ذلك لا يشمل المنطقة التي يديرها تنظيم داعش». وأضاف: «من المستحيل التوصل لمجموعة ترتيبات تناسب الجميع».