كرة القدم تتحول في غفلة منا من نعمة تحوي فراغ الشبان وتروح عن أنفسهم، إلى نقمة قد تودي بعاشقها للموت والرحيل عن الدنيا، وما أقسى أن يرحل كمداً وحزناً من كان آتياً للملعب ليفرح ويرفه عن نفسه في الملعب، وهو المكان الوحيد الذي يستطيع الشاب ارتياده وبلا قيود. في استاد الأمير عبدالله الفيصل في جدة، كاد مشجع أهلاوي يلفظ أنفاسه وهو يرى فريقه يتهاوى أمام النصر ويسقط أمام ناظريه في مشهد مأسوي لم يستطع قلبه تحمله، والكرة بعد أن صارت مصدر متعة أصبحت خطراً يهدد مرضى القلب والضغط، ممن توالت هزائم فرقهم وأحبطوا وهم يرجون منه ما يبدو انه صار مستحيلاً، ما يحتم على المسؤولين كتابة عبارات توعية على مداخل الملاعب تنصح فيها الجماهير الذين يعانون من أمراض من هذا القبيل بعدم حضور المباريات، لأن مشهد السقوط في الملعب يثير الكثير من الفزع والفوضى، خصوصاً عندما يتواجد في الجوار صغار السن. إغماءة المشجع الأهلاوي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، على رغم سرعة الإسعاف وتدارك الأمر، إلا أن المحظور قد يقع في يوم ما ويموت المغمى عليه، وان تعددت الأسباب فالموت واحد، لكن السؤال الذي لابد من طرحه هو من حول الكرة إلى أحد تلك الأسباب؟ فيما سبق كانت الأمراض وحوادث السيارات هي من تودي بحياة الشبان، لكن الآن يضاف له سبب آخر لم يكن في الحسبان، ألا وهو كرة القدم التي لم توجد إلا لاحتواء الفراغ والاستمتاع بأداء النجوم، ليس إلا، وبئس متعة تكون أداة للهلاك فتزهق بسببها الأرواح الشابة البريئة أثناء المباراة أو بعدها، عندما يعبر عن الفرح بطريقة «هستيرية» نهايتها مأسوية على صاحبها أو على غيره، أو عندما يسير هؤلاء الشبان من المتعصبين من الكتاب و«أرباب القلم» فيقادون إلى التطرف وإثارة الشغب والفوضى على نحو ما حدث في «زعبيل»، حيث استغلت فتوة الشبان وعنفوانه في أقبح صورة جعلت الكرة تتحول إلى كره وعداوة. ثم ما تبعها من فوضى أكثر همجية ودموية عندما فاضت المنتديات والقنوات بعبارات القتل والتخريب والتدمير، وليس أبشع من أن تسمع من يهددك بالقتل لأجل نتيجة مباراة ويمارس عليك إرهاباً وعلى الملأ لمجرد أن كنت صريحاً في رأيك، فهي مجرد كرة قدم ووقت مفعم بالإثارة، ودقائق وتنتهي، فلمَ جعلها البعض انتقاماً وويلات وذكريات حزينة؟.