واصلت قوات النظام السوري هجومها الضخم على مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الشمالي، وتمكنت تحت غطاء قصف جوي روسي عنيف من التقدم داخل هذه المدينة الاستراتيجية التي تشكّل عقدة مواصلات في الجنوب السوري. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وحدات من الجيش «واصلت تقدمها على محور مدينة الشيخ مسكين بريف درعا الشمالي وتقدمت داخل المدينة على عدة محاور وصولاً إلى منطقة الدوار والمساكن العسكرية»، مضيفة أن وحدات الهندسة «تقوم بإزالة المفخخات والعبوات الناسفة» وأن فصائل المعارضة «نقلت غرفة عملياتها من الشيخ مسكين إلى مدينة نوى». ونقلت الوكالة عن «مصدر عسكري»، أن الجيش النظامي «قطع جميع خطوط إمداد التنظيمات الإرهابية» (التسمية التي تقدمها الحكومة السورية لجماعات المعارضة المسلحة)، بعدما كان قد سيطر أول من أمس على «تل الهش ومعسكر اللواء 82» المحاذي للشيخ مسكين التي تقع شمال مدينة درعا بنحو 22 كلم. ونسبت «سانا» إلى «مصادر ميدانية»، أن قوات الجيش قتلت أو أصابت سبعة مسلحين «كانوا يتحصنون بأحد الأوكار عند دوّار مدينة الشيخ مسكين». أما وحدة «الإعلام الحربي» التي توزّع أخبار القواتa النظامية والميليشيات المسلحة الأخرى التي تقاتل إلى جانب النظام، فأوردت أن الجيش السوري بات «يسيطر على أكثر من 60 في المئة من الشيخ مسكين»، وأنه استولى على مبنى السرياتيل وسط المدينة ومجمع زايد والمدرسة الحكومية التاسعة. من جهة أخرى، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) إلى «استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة أخرى، في محيط الشيخ مسكين ومحيط اللواء 82، في محاولة من قوات النظام التقدم والسيطرة على البلدة، ما أدى إلى استشهاد مقاتل من الفصائل الإسلامية، وأنباء عن المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين». وتابع أن الاشتباكات «ترافقت مع استمرار القصف المكثف على البلدة، وتنفيذ طائرات حربية يرجح أنها روسية المزيد من الغارات» التي بلغ عددها أكثر من 24 منذ صباح الأربعاء. وأضاف المرصد أنه «ارتفع إلى 10 عدد مقاتلي الفصائل الإسلامية والمقاتلة الذين استشهدوا خلال الاشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في محيط الشيخ مسكين»، إضافة إلى مقتل قيادي في «النصرة» هو «قائد مجموعات المؤازرة التي قدمت إلى الشيخ مسكين لصد هجوم قوات النظام». ونقلت وكالة «رويترز»، من جهتها، عن مصدر في فصائل المعارضة تأكيده تقدم الجيش السوري في داخل الشيخ مسكين وإشارته إلى أن المعارك تتركز في منطقة «المساكن» في إشارة إلى المنطقة التي تضم مساكن ضباط الجيش. ونسبت الوكالة أيضاً إلى قيادي في فصيل «جبهة ثوار سورية» التي تقاتل في الشيخ مسكين، أن الغارات الروسية العنيفة -بلغ عددها أكثر من 100 في يومين- كانت حاسمة في قلب موازين المعركة لمصلحة النظام. وأضاف أن الجيش النظامي الذي يعاني نقصاً في عديده ما كان ليتمكن من تحقيق تقدم لولا الدعم الجوي الروسي وهو الأعنف في محافظة درعا منذ بدء العملية الروسية لدعم النظام في 30 أيلول (سبتمبر) الماضي. ولفتت «رويترز» إلى أن الهجوم الحالي للجيش النظامي هو الأول من نوعه في جنوب سورية منذ بدء الدعم الروسي، وأن السيطرة على الشيخ مسكين تسمح بتعزيز سيطرة النظام على منطقة تتميّز بمواقعها العسكرية القوية والتي كانت تشكل خط الدفاع الجنوبي عن العاصمة دمشق. وأشارت الوكالة نقلاً عن مصادر المعارضة، إلى أن قوات النظام سيطرت الثلثاء على اللواء 82 قبل أن تستعيده فصائل المعارضة فوراً لكن النظام سيطر عليه مجدداً الأربعاء بفضل الغارات الروسية العنيفة. وأضافت أن السيطرة على الشيخ مسكين تسمح للنظام بالتقدم نحو مناطق سيطرة المعارضة في أبطع وداعل وعتمان قرب مدينة درعا. وفي غرب سورية، قال المرصد إن «اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام وحزب الله اللبناني ومسلحين من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني من جهة أخرى، في محيط بلدة القصب وبرجها في ريف اللاذقية الشمالي، عقب تمكن قوات النظام من التقدم واستعادة السيطرة على البرج، وسط تقدم جديد لقوات النظام ومعلومات أولية عن استعادتها السيطرة على أجزاء من البلدة». وأكد النظام السوري فعلاً أن قواته سيطرت على بلدة القصب بعدما سيطرت أول من أمس على برج القصب. وفي محافظة حمص بوسط سورية، أشار المرصد إلى تعرض مدينة القريتين بالريف الجنوبي الشرقي لقصف مكثف من قوات النظام التي تحاول التقدم إليها بعدما سيطرت قبل يومين على بلدة مهين القريبة والجبال المحيطة بها. وفي محافظة ريف دمشق، قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مدينة داريا بالغوطة الغربية، في وقت «استمرت الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في منطقة المرج بالغوطة الشرقية، ما أدى إلى إعطاب دبابة لقوات النظام وخسائر بشرية في صفوفها»، وفق ما ذكر المرصد. وفي شمال شرقي سورية، أورد المرصد أن طائرات حربية يُعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة «ألقت مناشير خلال ال24 ساعة الفائتة على أماكن في مدينة الشدادي ومنطقة ال47 بريف الحسكة الجنوبي» واللتين يسيطر عليهما تنظيم «داعش»، مشيراً إلى أنه كُتب على أحد المناشير: «(جماعة) داعش تُطعم عناصرها وجبات كبيرة، بينما أنتم تصطفون في طوابير الماء والطعام» كما حمل منشور آخر صورة مقسمة لنصفين تُظهر مجموعة من الأطفال في طابور لتعبئة المياه وعنصر من التنظيم يتناول لحوماً. وتحاول «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة بغطاء جوي أميركي والتي تهيمن عليها «وحدات الحماية» الكردية، التقدم في ريف الحسكة الجنوبي وتحديداً إلى معقل «داعش» في الشدادي، بعدما سيطرت قبل أسابيع على المعقل الآخر للتنظيم في بلدة الهول على الحدود مع العراق. وفي محافظة حلب (شمال)، تحدث المرصد عن اشتباكات عنيفة تدور بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة وعناصر تنظيم «داعش» من جهة أخرى في محيط قرية إحرص بريف حلب الشمالي، مشيراً إلى أن التنظيم استعاد السيطرة على قريتي دلحة وحرجلة بالريف الشمالي بعدما كانت الفصائل سيطرت عليهما أواخر الشهر الماضي. أما في ريف حلب الجنوبي، فأشار المرصد إلى «استهداف الفصائل المقاتلة بصاروخ تاو أميركي دبابة لقوات النظام في بلدة خان طومان... ما أدى إلى إعطابها وخسائر بشرية في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها».