ستحاول «قمة الأمن النووي» التي يفتتحها الرئيس باراك أوباما في واشنطن اليوم، إيجاد «منظومة تعاون» دولي طالما سعى سلفاه بيل كلينتون وجورج بوش الى إنشائها، بالتعاون مع دول خارج القوى النووية المعروفة، مثل السعودية والبرازيل ونيجيريا، وذلك للعمل المشترك لمكافحة «التهديد الإرهابي النووي» وتقوية المنظمات الدولية التي تعنى بهذا الشأن. القمة التي تشارك فيها 47 دولة بينها ست دول عربية (المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمغرب والجزائر) إلى جانب ثلاث جهات دولية هي الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي ووكالة الطاقة الذرية، ستركز على خطر وصول السلاح الذري الى مجموعات إرهابية، ما يشكل التهديد الأكبر للأمن العالمي، كما قال مستشار أوباما لمكافحة الانتشار النووي غاري سايمور. وقالت نائبة مدير برنامج السياسة النووية في معهد «كارنيغي» للسلام دابتي تشوبي، ان هذه المجموعات تدور في فلك تنظيم «القاعدة» وتتوزع جغرافياً بين شرق آسيا وأفريقيا وخصوصاً في الساحل الجنوبي للقارة (مثل الصومال ونيجيريا)، الى جانب الأماكن التقليدية مثل باكستان وأفغانستان. وأكدت الخبيرة أن إيران خارج هذه الدائرة كونها لا تنتج ما يكفي من اليورانيوم لتطوير سلاح نووي وتسليمه الى مجموعات كهذه. وفيما ساهمت الجهود الدولية منذ اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، في توجيه ضربات قاسية الى تنظيم «القاعدة»، تتجه المعلومات الاستخباراتية الى التحذير من سعي خلايا التنظيم الى الحصول على سلاح نووي، الأمر الذي حذر منه البيت الأبيض. وأكدت تشوبي ل «الحياة» أن القمة تعيد الى الجهود الأميركية لمحاربة «الإرهاب النووي» الزخم الذي فقدته بعد 11 أيلول، كون القمة تجمع أكبر عدد من القوى النووية الأساسية مثل الصين وروسيا والهند. وساهمت الاستشارات المطولة التي أجراها الجانب الأميركي قبل القمة، إضافة الى تلاقي المجتمعين حول الخطوط العريضة لمواضيعها، الى استبعاد حصول أي مفاجآت خلالها، اذ يمهد البيت الأبيض لخروج القمة بوثيقتين: الأولى تشمل البيان النهائي الذي سيلحظ أن «الإرهاب النووي» هو «تهديد جدي خطير»، وسيتضمن تعهداً من المشاركين بمنع «الإرهابيين والمجموعات الإجرامية» من الحصول على معدات نووية. أما الوثيقة الثانية فهي عبارة عن برنامج عمل للسنوات المقبلة لمكافحة هذا التهديد الذي تريد الإدارة الأميركية تقويضه خلال «أربع سنوات»، كما تعهد أوباما في حملته الانتخابية. وسيسعى المجتمعون الى وضع تعهدات فردية اما بنقل المواد النووية خارج أراضيهم (كما فعلت تشيلي) أو اتخاذ إجراءات لضبط الحدود ومنع تسريب المواد. وبأهمية موازية لأعمال القمة التي تستمر حتى مساء الثلثاء، تأتي اجتماعات أوباما على هامشها مع قادة الهند وكازاخستان وجنوب افريقيا وباكستان ونيجيريا. وانطلقت هذه اللقاءات أمس، وستستكمل اليوم، مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وقادة أرمينيا والصين وماليزيا، الى جانب لقاءات أركان الإدارة الأميركية وخصوصاً نائب الرئيس جوزيف بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مع الوفود المشاركة. وسيحاول الرئيس الأميركي جمع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان، انطلاقاً من جهود واشنطن لدعم التطبيع بينهما. ويرأس الوفد السعودي الى القمة رئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود، فيما يمثل وزير الخارجية أحمد أبو الغيط مصر. وأكد البيت الأبيض أنه في وقت لن تكون إيران ملفاً رئيسياً على جدول أعمال القمة، سيناقش أوباما الأزمة مع طهران في اجتماعاته الثنائية وخصوصاً مع الرئيس الصيني هو جينتاو. ولا يستبعد ان يسبب اردوغان حرجاً للأميركيين بعدما تعهد بإثارة موضوع الترسانة النووية لتل أبيب، ولو في غياب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي آثر عدم حضور القمة لتفادي طرح بعض المشاركين قضية النووي الإسرائيلي رداً على سعي بعض دول الغرب إلى إصدار مواقف متشددة من البرنامجين النوويين لإيران وكوريا الشمالية.