تفاوتت تقديرات مأذوني الأنكحة لمدى الالتزام بنتائج الفحص الطبي، الذي يُشترط لإتمام عقد الزواج. ففيما قدّره بعضهم بنحو 50 في المئة، أشار آخرون إلى أن الالتزام «قليل»، وذكر آخرون أنه «مقبول». لكنهم جميعاً أكدوا أن هذا الشرط بدأ يؤتي ثماره بعد نحو ست سنوات من تطبيقه في التقليل من الأمراض المتوارثة.وقال المأذون الشرعي علي الناصر ل«الحياة»: «50 في المئة من المُقدمين على الزواج يلتزمون بنتائج الفحص الطبي. أما النسبة المتبقية فلا تلتزم، إما لتعلق الرجل بالفتاة وإصراره على الزواج منها، أو بسبب ما جرت عليه العادة القديمة من أن الفتاه لابن عمها أو أحد أقاربها. ويتم حجز الفتاة منذ الصغر، فلا يتجاوزون ذلك ويلتزمون بوعودهم التي أبرموها قبل سنوات. ولا يعني لهم فحص ما قبل الزواج أي شيء، ولا يشكّل دافعاً لتغيير الرأي». وأضاف الناصر: «في الحالات التي يصر فيها الزوجان على عدم النظر إلى عدم التوافق في ما بينهما، نسدي لهما النصح والإرشاد والتوجيه، ولسنا مخولين بأكثر من ذلك، بخلاف حالات الزواج التي تتم بين السعوديين والأجانب، فلا يتم عقد القران إلا بتوافق الزوجين، وعدم وجود أمراض دم وراثية أو معدية، وإن وجدت فلا يتم الزواج أبداً». وأشار إلى إحدى حالات الزواج، التي كان فيها الزوجان مصابين ب«فقر الدم المنجلي»، وقال: «حاولت جاهداً إقناعهما بالعدول عن رأيهما، وأنهما لن يعيشا حياة طبيعية، وأن فترة بقائهما في المستشفيات ستكون أطول من المنزل، ودعوتهما إلى التفكير ببُعد نظر، وبما ستؤول إليه حياتهما بعد الإنجاب، وأن هذا يعتبر جناية على الأبناء يقوم بها الآباء نتيجة اللامبالاة، وفعلاً استجابا وقررا الالتزام بالنتيجة، والحمد لله كلاهما تزوج من آخر سليم، وأنجبا أولاداً أصحاء». فيما قال المأذون محمد الطيب: «في السابق كانت نتيجة فحص ما قبل الزواج، إما بالتوافق أو عدمه، إلا أن وجود هذه الكلمة (عدم التوافق) كان يثير استياء البعض. ومنذ فترة بسيطة تم إلغاء هذه الكلمات، لتحل محلها كلمات أخرى، باللون الأسود إن كان هناك توافق، والأحمر إن كان هناك عدم توافق. وتشير الأولى إلى أن المقدمين على الزواج تم تقديم النصح لهما من المستشفى». وأكد أن هناك التزاماً كاملاً من المأذونين بضرورة وجود الفحص. ولكن ليس في يدنا إلا تقديم النصيحة في حال كان هناك عدم توافق صحي. أما القرار فيعود إليهما، مؤكداً أن للتوعية المستمرة حول أهمية الفحص «دوراً مهماً في التزام الكثيرين بنتيجة هذا الفحص. وأعتقد أن برنامج فحص ما قبل الزواج بدأ يؤتي ثماره، إذ بات المجتمع أكثر وعياً من السابق». وقال: «هناك خانة في عقد الزواج تتعلق بنتيجة الفحص، لذا لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها. كما أن هناك دفتراً يسمى الضبط يستخدمه المأذون الشرعي في تسجيل الحالات التي ترده، ويُسجل فيه نتائج فحوصات ما قبل الزواج لكل حالة. واعتقد أن هناك حالات قليلة هي التي لا تلتزم بالنتيجة». بدوره، أوضح الشيخ عبدالعزيز القرني أن المجتمع «أصبح أكثر وعياً بأهمية الزواج الصحي، نتيجة للجهود التي تبذل من الجهات الحكومية والأهلية لنشر هذه الثقافة»، مضيفاً: «بحكم أن فحص الزواج أصبح إجبارياًَ، فلا يتم عقد القران إلا بعد الاطلاع على النتيجة. ومرت علي حالات كثيرة تصر على إتمام الزواج، على رغم عدم التوافق. وغالباً ما تكون بين الأقارب». ولكنه يجزم بأن برنامج فحص ما قبل الزواج «لقي في السنوات الأخيرة تفاعلاً كبيراً وبدأنا نرى ثماره». وأشار القرني إلى الحاجة «لتوعية الطلاب والطالبات في الجامعات والمعاهد حول الزواج الصحي»، مضيفاً: «على رغم أنه أضيفت أمراض إلى الفحص، إلا أننا نطالب بإضافة فحص المخدرات والكحول. وهذا ما يطالب به عدد من مأذوني الأنكحة، كي يكون الزواج صحياً سليماً من جميع النواحي، وليكون دافعاً لمن يتعاطى هذه الآفات بأن يقلع عنها ويقدم على العلاج».