حذّر رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان من «مغبة الاستمرار في الاستهداف الممنهج للجيش والاعتداء على ضباطه وأفراده المنتشرين في مناطق التوتر، يقومون بواجبهم في حماية الوطن والمجتمع، ومن ضمنه أهالي وأقرباء ومنازل هؤلاء الذين يعتدون عليه». وإذ شدد، وفق المكتب الإعلامي في قصر بعبدا أمس، على «ضرورة دعم الجيش ومساندته في مهمته الوطنية الكبرى في الداخل وعلى الحدود»، أكد «وضع التعليمات المعطاة بضرب من تسول له نفسه استهداف أي عنصر من عناصره بقوة، لأن الاعتداء على الجيش من قبل أي كان هو اعتداء على رمز من رموز الكرامة الوطنية والسيادة والحرية والديموقراطية». وكان اجتماع «اللقاء الوطني الإسلامي» الذي عقد مساء أول من أمس استثنائياً في دارة النائب محمد كبارة في طرابلس، انعكس إيجاباً على الوضع الأمني في المدينة أمس بعد اتفاق الأطراف على الالتزام بالتهدئة وسلسلة اتصالات مع قيادة الجيش في الشمال. وتراجعت حدة المواجهات على محاور القتال التقليدية الخمسة بين جبل محسن وباب التبانة التي كانت شهدت أعنف المعارك خلال اليومين الماضيين. وساد هدوء حذر وترقب بعد أن سجّل إطلاق قنبلتين في التبانة وطلقات نارية وأعمال قنص متقطّعة على محور الملولة - شارع سورية - حارة البقار أدت إلى اصابة المواطن أحمد محيش وحاله حرجة، فيما ترفض مجموعات في باب التبانة الاتفاق الذي حصل وما تلاه من اتصالات، لكن مشايخ المدينة أكدوا أن تلك المجموعات ستلتزم في النهاية بعد أن تكتشف بأن سائر القيادات مصرّة على تنفيذ الخطة الأمنية مهما كان الثمن. في المقابل، أكد الأمين العام للحزب «العربي الديموقراطي» رفعت عيد «التزام الحزب بوقف إطلاق النار وبدور الجيش»، مشيراً إلى أن «تيار المستقبل قادر على الإمساك باللعبة الأمنية في الوقت الذي يشاء»، وفق قناة «أل بي سي». وقال النائب كبارة في حديث تلفزيوني إن «لا أحد يقبل بالحرب العبثية التي تحصل في مدينة طرابلس»، مشدداً على أن «الجيش كان حازماً أول من أمس وتعهد بالرد على أي مصدر لإطلاق النار بعد الساعة 10 والتزم الجميع بوقف إطلاق النار». ولفت إلى انه «أجرى اتصالات بالمسؤولين وأكدوا أنه سيكون هناك قريباً حل نهائي وجذري». واعتبر عضو «كتلة المستقبل» النيابية جمال الجراح في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان»، أن «الدولة مسؤولة عن وقف الاشتباكات في طرابلس، ولا سيما أنها تعرف طرق إمدادات السلاح وتعرف من يحرك الجبهة ومن يقف وراء قادة المحاور»، لافتاً إلى أن «الجيش على علاقة طيبة مع الطرفين ويمكن أن يهدئ المحاور». ورأى عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش في حديث تلفزيوني، أن «السبب الرئيسي لكل ما يحدث في طرابلس هو السلاح غير الشرعي الموجود على الأراضي اللبنانية كافة»، وطالب ب «حماية المواطنين من كل الطوائف، من خلال حل براغماتي وسحب الذرائع»، داعياً إلى «اللجوء إلى القضاء ومحاكمة من يقوم بتمويل الجماعات المسلحة في طرابلس بتهمة الخيانة العظمى». وأشار إلى انه «يكثر الحديث مؤخراً عن الاستنكار والخطة العسكرية والأمنية التي ستتبعها خطط اجتماعية وسياسية في طرابلس، وكلها في عالم الغيب». اعتصام المجتمع المدني وفي السياق، نفّذ المجتمع المدني اعتصاما أمس أمام سراي طرابلس، بمشاركة نقابات المهن الحرة وهيئات نسائية واجتماعية وثقافية للتعبير عن رفضهم لما «يجري من حوادث أمنيّة في المدينة». ورفع المعتصمون لافتات تندد بالتدهور الأمني وتطالب القيادات السياسية والعسكرية ب «وضع حد نهائي للاشتباكات وتلبية حاجات طرابلس الانمائية والاقتصادية ووقف إطلاق النار». وطالبوا ب «اجتماع مجلس الدفاع الأعلى». وحمّل «ملتقى الجمعيات الأهلية في طرابلس» في بيان أمس «الطبقة السياسية الحاكمة التي لم تلتفت إلى المدينة بعد اتفاق الطائف، مسؤولية واقع طرابلس المأساوي». ودعا إلى «إطلاق ورش الإنماء والإعمار والتنمية في المناطق الأكثر فقراً، والتعويض على المتضررين المباشرين في الأحياء التي تشهد أعمال عنف والمتضررين غير المباشرين، وهم كل أبناء طرابلس، بدءاً بالتجار والعمال، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل المحرضين الذين يعتمدون الخطاب الطائفي والمذهبي، سواء كانوا أحزاباً أو تيارات». وطالب ب «إجراء المصالحات الشاملة بين أحياء المدينة، وخصوصاً في جبل محسن والجوار، على أن تتضمن تلك المصالحات التوقيع على ميثاق يلتزم فيه الجميع عدم الاحتكام إلى السلاح لأي سبب كان». ودعا إلى «توفير الدعم اللازم للجيش والقوى الأمنية، بما يساهم في منع المظاهر المسلحة كافة وملاحقة المعتدين على المواطنين والأملاك العامة والخاصة ورفع الغطاء السياسي والأمني عنهم». وطالب الأجهزة الأمنية ب «كشف كل الذين يتدخلون لمنع ملاحقة المرتكبين والمجرمين ومحاكمتهم». قهوجي:الجيش لن يتخلى عن دوره وشدد قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال اجتماعه بالضباط والعسكريين بعد افتتاحه «ثكنة صقور القمم» التابعة لفوج المغاوير في منطقة اللقلوق على «الجاهزية الكاملة لضبط الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب في مختلف أنحاء البلاد، والاستعداد للتدخل السريع والحازم لمعالجة أي حادث أمني طارئ»، مؤكداً أن الجيش «لن يتخلى عن دوره الوطني في حماية مسيرة السلم الأهلي والعيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، وسيبقى في خدمة كل اللبنانيين بمعزل عن أي تطور داخلي أو خارجي». ودعا العسكريين إلى «مزيد من الوعي واليقظة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان»، مشدداً على «المناقبية والانضباط والتزام الأنظمة والقوانين في أداء واجباتهم ومهماتهم العسكرية».