«الجاز موسيقى حميمة، ارتجالية وعالمية الإحساس. إنها صوت المفاجأة... الذي يمكن من خلاله تقديم أشياء كبيرة، اعتماداًَ على مدخلات متباينة». هكذا بدأ جيروم باريسان تصريحه الى «الحياة» بعد الحفلة الكبيرة التي أقيمت في حدائق المركز الثقافي الفرنسي في الإسكندرية أخيراً، بحضور أكثر من ألفي شاب وفتاة. ويواصل مشروع «أبراكساس» Abraxas Project الذي أقامه باريسان مع العازف أنطوان هيفتي، تقديم أعماله الموسيقية التي تعد خليطاً من الموسيقى الإلكترونية والجاز الحديث المنفتح. ويرسم المشروع الدرب الذي ينتهجه باريسان من خلال ألبومه «Baraka-Visions» عند ملتقى حدود الموسيقى الإلكترونية musique électronique والجاز والأمبيان ambient والدوب dub والكثير من الموسيقى المرتجلة. وجاءت الحفلة في إطار المبادرة التي أطلقتها مؤسسة «سميثسونيان» في أميركا وفرنسا لتكريم موسيقى الجاز في العالم خلال نيسان (أبريل) الجاري، إذ تتبنى المؤسسة تشكيلة واسعة من البرامج والأداءات طوال الشهر، من خلال إقامة فعاليات مختلفة تبرز أهمية هذه الموسيقى في الثقافة العالمية. وقال باريسان: «بإمكان أي شخص العزف، لكن هناك جواً معيناً وأحاسيس مشتركة يتقاسمها الجمهور والعازف من المهم أن يلتقطها الجمهور. وعلى الموسيقي أن يعي كل هذه التفاصيل، إذ إن الغاية المنشودة هي التواصل بين الموسيقي والجمهور». وأعرب باريسان عن اندهاشه من تفاعل الشباب الذين حضروا الحفلة والأجواء الحميمية التي شعر بها، إذ يمثل هذه الحفلة أولى حفلات الفريق في العالم العربي ومصر على وجه الخصوص، مؤكداً استمتاعه ب «الحضارة والرقي» اللذين لمسهما لدى جمهور الشباب. وأضاف باريسان: «فرقتنا فكرتها المزج بين موسيقى الجاز العصرية والإلكتريك، وساهم وود أنطوان هفتي في نجاح فرقتنا وانتشارها. وشاركنا مشاهير الموسيقي مثل ستيف كولمان وإيريك تروفاز». وأكد أن رسالة الفريق التي يريد نشرها هي السلام، وقال: «سحر موسيقى الجاز له تأثير عظيم. وهي تحكي قصة الحياة، ما يعكس أهميتها للعالم أجمع، إذ وهب الله المخلوقات المقدرة على الخلق والإبداع، ومن هذه المقدرة تدفقت الأغاني التي تعبر عن الأشجان والأحزان والبهجة والسرور، ما يمكّن الإنسان من تحمل عناء الحياة، فضلاً عن تحمل الكثير مما يخبئه له القدر». وفي السياق نفسه، أشار أنطوان هيفتي إلى أن الفريق كان يتكون من اثنين فقط، ثم انضم إليهما لاعب كونترباص. وعن الموسيقى التي قدمها الفريق في الحفلة، أكد هيفتي أن لدى الفريق الكثير من المقطوعات الصاخبة، لكنهم لم يريدوا أن يصدموا المستمع والمشاهد العربي للمرة الأولى. فقدموا مجموعة منتقاة من موسيقى العالم تضمنت الموسيقى الشرقية. ولفت هيفتي إلى أن أعضاء الفريق لا يقدمون موسيقاهم وفقاً لجدول ثابت، وإنما تفاعلاً مع الجمهور الموجود وما يفضله من ألحانهم المبتكرة مع الكثير من الإرهاصات التي تعكس مزاجهم الفني. ويتبارى الموسيقيون ليس فقط في أظهار براعتهم في العزف، بل في إبراز مقدرة كل منهم على إضافة بصمته الشخصية إلى اللازمة المميزة والمقطوعة ككل من دون الإخلال بها. قدم الفريق 14 مقطوعة تضمنت عناوين على غرار «امورساتيي»، «النداء»، «المركب بالمحيط» و «العاصفة». يذكر أن موسيقى الجاز ظهرت عند الزنوج الآفروأميركيين في أغاني العمل، زمن العبودية، خصوصاً عند جني القطن وتمديد السكك الحديد، ما أوجد عزاءً لهم في الخلاص من متاعب العبودية. وهناك عدد من البلدان الأخرى ستكرم موسيقى الجاز خلال نيسان الجاري، كالسويد وألمانيا والأرجنتين وبريطانيا واليابان وكندا وفرنسا وهولندا ولبنان.