في وقت لا تزال الضبابية والتضارب يسودان ردود الأفعال المحلية في ليبيا تجاه اتفاق الصخيرات على تشكيل حكومة وحدة، بلغ عدد قتلى الاشتباكات التي تشهدها مدينة أجدابيا في شرق البلاد، بين مسلحين من سكان المدينة وعناصر ينتمون إلى جماعة «انصار الشريعة» المتطرفة 11 شخصاً. وقال الناطق باسم الهلال الأحمر الليبي منصور عاطي أول من أمس: «أحصينا11 قتيلاً بينهم مدنيون وطفل منذ بدء القتال ونُقلت جثثهم إلى مستشفى المقريف» الوحيد في أجدابيا الواقعة على بُعد حوالي 190 كيلومتراً جنوب غرب بنغازي و889 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس. وأضاف أن هذه الحصيلة «لا تتضمن قتلى الجماعات الإسلامية وحلفاءها الذين لا يقومون بنقل القتلى والجرحى إلى المستشفى الوحيد في المدينة». وتشهد أجدابيا منذ ليل الأربعاء الماضي، وفق شهود عيان اشتباكات عنيفة بين عناصر من جماعة «انصار الشريعة» القريبة من تنظيم القاعدة من جهة، ومسلحين من سكان المدينة مؤيدين للقوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً في شرق البلاد من جهة ثانية. واندلعت الاشتباكات بعد محاصرة شبان مسلحين منزل قيادي في «مجلس شورى ثوار أجدابيا» الذي يضم جماعة انصار الشريعة وجماعات متطرفة أخرى، يدعى ابريك المصرية، في وسط المدينة. وقال شهود إن يوم أول من أمس، شهد أعنف جولات القتال حيث استُخدمت الأسلحة المتوسطة والثقيلة. وتخضع أجدابيا لسلطة الحكومة المعترف بها دولياً والقوات الموالية لها. ويسعى تنظيم «داعش» إلى التمدد نحو أجدابيا انطلاقاً من سرت والمناطق المحيطة بها التي يسيطر عليها، الا أن القوات الحكومية تحاول منع تقدمه عبر تنفيذ غارات جوية ضد مواقعه. وأعرب رئيس بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر في بيان عن «القلق من اندلاع أعمال عنف في مدينة أجدابيا»، داعياً إلى «احترام المبادئ الانسانية الدولية عند مكافحة الارهاب». وحذر من أن «الهجمات العشوائية والهجمات التي تستهدف المدنيين محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي ويمكن أن تشكل جرائم حرب». ويناشد الهلال الاحمر الليبي منذ مساء الاربعاء الماضي، الأطراف المتقاتلة وقف النار من أجل اخراج عائلات عالقة في مناطق الاشتباكات. على صعيد آخر، يمارس مسؤولون غربيون ضغوطاً كبيرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا، التي ستُعد محاوراً لا بد منه في المعركة التي يفترض شنها لمواجهة الخطر المتنامي لتنظيم «داعش» في هذا البلد. ونصّ الاتفاق الذي وقّع عليه اعضاء في البرلمانين المتنازعين، أحدهما مقره في طبرق (شرق) والآخر في طرابلس، على تشكيل حكومة وحدة وطنية لوضع حد ل»الصوملة» التي تشهدها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011. لكن رئيسي المجلسين المتنازعين عقيلة صالح (البرلمان) ونوري بوسهمين (المؤتمر الوطني) رفضا الاتفاق. وما يزيد من الغموض هو ان ممثلين آخرين عن المجلسين أعلنوا في 6 كانون الأول (ديسمبر) في العاصمة التونسية التوصل إلى اتفاق مبدئي. ولفت المحلل شاشناك جوشي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث في لندن، إلى أن «هناك عدداً كبيراً من الناس الذين يتقاتلون على الأرض وغير موقعين» على الاتفاق.