يقولون خليجنا واحد وشعبنا واحد، ولكن الحقيقة غير ذلك، لن أتحدث عن مهازل زعبيل فقد فاضت بها الصفحات والقنوات والمقالات، ولكني أتحدث عن بطولة إقليمية فقيرة في كل شيء، ومع ذلك أخرجت كل شيء. الأجواء المشحونة قبل وأثناء المباراة أفرزت كل هذه الهمجية في الفعل ورده وانفلات العقول من عقالها في لحظات مجنونة، تحوّل الملعب بعدها إلى حلبة مصارعة بشعة كل فيها يأخذ حقه بيمينه وقدمه، مع محاولات خجولة من أمن الملعب لاستعادة الأمن الذي بات مطلب الجميع تحت وطأة جيوش هادرة تضرب في كل اتجاه، وبعد نهاية الفوضى من غوغاء الملاعب كانت هناك فوضى أشد إيلاماً أبطالها ليسوا من لاعبي الوصل ولا جماهيرهم، بل من مثقفين يحسبون على الإعلام الرياضي في هذا البلد، ممن يتوسم فيهم قيادة الإعلام إلى فضاء أرحب تتجلى فيه الحيادية ونبذ التعصب والتقريب بين الشعوب وليس أبناء الوطن فحسب، ولكنهم للأسف لم يجدوا مكاناً رحباً للرد على بعضهم أو انتقاصهم أو وصفهم بقلة الأدب، إلا على رؤوس الأشهاد في فضاء البرامج الخليجية التي ذهل مقدموها وضيوفهم من كم الحقد والكراهية التي يضمرها كل للآخر، واستغلال المتاح من الوقت ليس للحديث عن أحداث المباراة أو التعليق عما شابها من عنف غير مبرر في مداخلات خلت من كل روح رياضية، هدفها استقصاد أبناء البلد المشاركين في التحليل لمجرد إحراجهم والحط من قدرهم أمام نظرائهم من المحللين، وهو ما لم يأت بنتيجة بعد أن وجد المعد نفسه مضطراً لإغلاق الخط وإسكاتهم ب«القوة». هناك في زعبيل لم يفقد الأمن بل الوصل والاتحاد واللحمة الخليجية التي كانت ولا تزال هاجس قادة مجلس التعاون الخليجي، وأحد أهم الأسس التي قام عليها المجلس، وهنا فقدنا احترام الكل وهم يتفرجون على مسرحية هزلية سعودية يقودها متعصّبون ليس من أجل الوطن، لأنه آخر الاهتمامات وليس في بالهم عند المشاركة البتة، فقط هي أهواء شخصية ومنازعات محلية، هدفها المنافحة عن نواديهم التي يحملون لواءها فكراً. فيا زمان الوصل في زعبيل... كم غدوت عسيراً.