في مخيم للمهجرين العراقيين على أطراف مدينة بعقوبة (شمال شرقي بغداد)، تكتسب ذكرى احتلال بغداد في التاسع من نيسان (أبريل) عام 2003 مرارة مضاعفة. فهنا يقطن أناس نقلهم «الاحتلال» من منازل آمنة إلى مخيم للاجئين. بين مجموعة من الأطفال بثياب ممزقة وأكوام الخيم، يبدو الضابط السابق في الجيش العراقي رحيم عبد الخالق شارداً وحزيناً. يقول: «لست معنياً بتعريف هذا اليوم بأنه ذكرى الاطاحة بنظام صدام حسين ... إنه بعبارة أدق احتلال بلدي وتهجيري، وهو مناسبة حزينة أجدني استذكرها وكأنها انقلاب للتاريخ». ومنذ منعه من العودة إلى الجيش، لجأ عبد الخالق الى العيش في تجمع للنازحين بعد اضطراره الى بيع داره بسبب الظروف الاقتصادية السيئة والتهديدات الامنية. فنزح أسوة بعائلات أخرى الى احدى المخيمات الخاصة بالمهجرين. ويعتقد آخرون من سكان المخيم الذي يفتقد إلى الكهرباء والخدمات الأخرى بأن نظام صدام لا يختلف عن أنظمة المنطقة. إلا ان الادارة الأميركية كانت راغبة في الإطاحة بحكمه «للانتقام من الشعب العراقي». ويرى سعد خضير الذي يعمل حارس مدرسة ويسكن المخيم أن «بعض البعثيين أعاد النظر في موقفه المؤيد لسقوط النظام السابق، وتبنى المقاومة المسلحة كردة فعل على ما جرى منذ عام 2003». ولا تتفق الأرملة فريدة محمد التي فقدت ولدين من أبنائها في الحرب الاهلية مع الآراء المؤيدة للاطاحة بالنظام السابق. وتقول: «لم أكن وعائلتي قبل عام 2003 في صدد الحاجة الى المال للعيش». وتضيف جارتها «أم سلام» أن «رحيل صدام» اضطرها الى العمل «في خدمة المنازل» بعدما قتلت الميليشيا المسلحة ابنها الوحيد. وعلى رغم النقاشات الدائرة في مقاهي وأسواق ناحية خان بني سعد ذات الغالبية الشيعية في خصوص ذكرى سقوط نظام صدام، إلا أن غالبية زبائن مقهى «رحيم» وسط البلدة، وقريباً من مخيمات للمهجرين حملوا إخفاق الأحزاب والمسؤولين في ادارة العملية السياسية مسؤولية اتساع ظاهرة الأسف على النظام السابق. وفي ظل استنفار أمني لفصيل «بنات العراق» على خلفية معلومات استخباراتية تفيد بشن هجمات انتحارية في ديالى، تعتقد المتطوعة سميرة عبدالكريم بأن الاطاحة بنظام صدام كان سبباً لتحول البلاد إلى مركز للتنظيمات المتشددة التي استغلت الوضع الاقتصادي للنساء وحولتهن الى مشروع انتحاري.