بيروت - أ ف ب - في مطعم بالقرب من «المبنى الأصفر» في محلة السوديكو في وسط بيروت، اجتمع الكاتب الفرنسي جاك جويه والرسامة اللبنانية زينة ابي راشد. الأول ليكتب مباشرة امام الحاضرين، والثانية لتزين برسومها احداث قصته التي تدور في محيط المبنى الذي كان مقراً للقناصين خلال حرب لبنان ما بين العامين 1975 و1990. وهذه التجربة التي حملت عنوان «باريس - بيروت بكل الأحرف»، تندرج ضمن نشاطات «بيروت عاصمة عالمية للكتاب» التي تختتم في 23 نيسان (ابريل) الجاري. وأقيمت في حضور رئيسي بلديتي باريس برتران دولانويه وبيروت عبد المنعم العريس، احتفالاً بالاتفاق الذي وقع بين بلدية بيروت وبلدية باريس لترميم هذا المبنى وتحويله مركزاً للتخطيط المدني ومتحفاً. على يمين مدخل المطعم المطل على القسم الخلفي من «المبنى الأصفر»، استقر الكاتب جويه خلف طاولة وأمامه الكومبيوتر الذي يكتب عليه، وشاشة يتابع عليها ما ترسمه زينة ابي راشد بالحبر الأسود، محاطاً من ثلاثة جوانب بستار من نايلون علقت عليه قصة أغات الفرنسية التي تزور بيروت ما بعد الحرب وتتعرف الى شكري اللبناني وسواه وتدخل المبنى الأصفر. وعلى بعد امتار من الكاتب جلست الرسامة ابي راشد تتابع نص جويه عبر شاشة وضعت امامها وتستوحي منه مشاهد بالأبيض والأسود، ترسمها وتعلقها على الستار الشفاف. وأثنى العريس على «هذا الحدث الذي يعكس عمق العلاقة التي تجمع المدينتين باريس وبيروت، وعمق المودة التي تجمع الشعبين اللبناني والفرنسي»، وعلى زيارة دولانويه الثانية الى بيروت «هو الذي حرص على ان يكون حاضراً اثناء اعلان بيروت عاصمة عالمية للكتاب في قصر الأونيسكو في باريس». وأضاف العريس: «اختير هذا المكان لكتابة هذا الكتاب نظراً الى رمزيته اذ شهد موقعه احداثاً أليمة والمبنى الأصفر خير دليل على ما شهدته تلك المنطقة من تأكيد متجدد على رغبة مدينة باريس في مرافقة مدينة بيروت باحتفالاتها الثقافية والعمرانية». وقال دولانويه: «انا سعيد بأننا نتقاسم لحظات مهمة من التعاون الثقافي. بيروت من العواصم التي نحملها في قلوبنا كفرنسيين وكباريسيين وهي جزء من روحنا، لذلك اردت الوقوف الى جانب رئيس بلدية بيروت عندما اعلنت الأونيسكو بيروت عاصمة عالمية للكتاب». وأضاف: «قبل سنة تقريباً ولد حدث أدبي جديد في باريس مهدى الى الكتابة وجمال اللغة والفن الأدبي وقررنا رئيس بلدية بيروت وأنا، ان ننقله الى بيروت (...) وهو عبارة عن كتابة كتاب مباشرة امام الحاضرين مزين بالرسوم». وقال: «المبنى الأصفر موقع رمز الى الانقسامات في لبنان، ونريده ان يكون رمزاً للوحدة وللثقافة والثقة بالمستقبل». يشار الى أن الكاتب جويه والرسامة ابي راشد بدآ الكتابة والرسم منذ الثلثاء في المركز الثقافي الفرنسي وسينتهيان من عملهما في السابعة من مساء الخميس في المركز نفسه. وقالت المسؤولة عن مكتب الكتاب في السفارة الفرنسية في بيروت مارتين جيليه لوكالة «فرانس برس»: «تكتب الرواية المتسلسلة باريس - بيروت بكل الأحرف على مدى 24 ساعة، قسمت على ثلاثة ايام بمعدل اربع ساعات من الكتابة والرسم قبل ظهر كل يوم، ثم فترة استراحة لساعتين ثم اربع ساعات عمل بعد الظهر حتى المساء». وذكّرت بأن هذا الحدث اقيم السنة المنصرمة في باريس تحت عنوان «باريس بكل الأحرف»، وقام جاك جويه السنة الماضية بالمهمة منفرداً وكتب على مدى 24 ساعة مقسمة على خمسة ايام رواية متسلسلة تدور حوادثها في باريس وبطلتها أغات ومغامراتها الغريبة في غرفة من بلاستيك، وكان بإمكان المارة مشاهدته يعمل وقراءة النص على شاشة عملاقة. ولفتت جيليه الى ان «مغامرات أغات الفرنسية في بيروت هي محور رواية الكاتب جاك جويه المتسلسلة والمؤلفة من 24 حلقة، وأغات هذه تلتقي مصادفة بشكري اللبناني وشخصيات لبنانية محلية أخرى وتزور المبنى الأصفر ويتخلل هذه الزيارة الكثير من المفاجآت، وثمة لغز يكمن وراء القصة تكشفه نهايتها بأسلوب أدبي يقوم على اللعب على الكلام الطريف والذكي».