فتحت قضية وقف المذيعة ريهام سعيد عن تقديم برنامجها «صبايا الخير» على قناة «النهار» بسبب أزمتها الشهيرة مع «فتاة المول» ثم عودتها المحتملة لبرنامجها، ملف البرامج الإنسانية وجدواها على الشاشة، وأهدافها الإعلامية والإعلانية، وسر إقبال المشاهد عليها رغم أن الحزن والألم يعدان السمة الرئيسية لها. قناة «النهار» قررت عودة برنامج «صبايا الخير» بعد وقفه مشيرة في بيان لها إلى أن القرار جاء بعد مراجعة كل مواقف البرنامج وأعماله الإنسانية والخيرية والوطنية على مدار السنوات السابقة، والتي ساهمت بشهادة ومتابعة الجمهور، في كثير من أعمال الخير، وعبرت عن مصالح فئات من المجتمع لا تستطيع إيصال صوتها واحتياجاتها في المساعدة أو العلاج. فماذا يقول اهل الاختصاص حول هذه البرامج؟ أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، الدكتور صفوت العالم، يرى أن الهدف من هذه البرامج مرتبط بمحاولة توظيفها في محاولة مساعدة البسطاء، وهي أصبحت ظاهرة مثلها مثل الإعلانات التي تحمس الجمهور على جمع التبرعات للمرضى والمحتاجين والفقراء. ويضيف العالم: «الشعب المصري لا يتأخر عن هذه البرامج والإعلانات ويتبرع بمبالغ مالية ضخمة تعاطفاً مع الحالات التي تعرض على الشاشات التلفزيونية. لكنّ هذه البرامج تبالغ في تصوير حالات إنسانية من دون احترام آدميتهم وحقوقهم، وهذه الطريقة غير أخلاقية». ويشير العالم إلى أن الشفافية غابت عن هذه المؤسسات والهيئات التي يتبرع لها المصريون، ولا أحد يعرف حجم المبالغ التي جُمعت وكيف أنفقت أو معلومات واضحة عن موازنات هذه الجهات ولا بد من تعزيز دور هذه البرامج إذا قدمت في شكل مهني مدروس. المذيعة إيمان أبوطالب التي قدمت برنامج «صبايا» على فضائية «المحور» تؤكد أنها كانت تتواصل مع هموم الناس ولا تتاجر بمشاكلهم، وقدمت رسالة إعلامية مهنية، لأنها كانت مؤمنة بفكرة برنامجها ودوره المهم في تخفيف آلام البسطاء. وتشدد إيمان على ضرورة دعم الإعلام التلفزيوني للموضوعات الإنسانية في شكل إيجابي وتكاتف المؤسسات الخيرية في حل مشاكل البسطاء بالمشاركة مع أجهزة الدولة. أما المخرج أحمد الجوهري، فيقول: «لست ضد البرامج الإنسانية والإعلانات التي تشجع الناس على التبرع في أوجه الخير لكنني مندهش من كلفة الدعاية للمؤسسات الخيرية التي تصل إلى الملايين ومن الممكن أن تستثمر هذه المبالغ في إقامة مشروعات اقتصادية توفر فرص عمل للشباب». ويشير الجوهري إلى أن البرامج التلفزيونية لها أهداف إنسانية، وعليها فقط تجاوز بعض السلبيات مثل التركيز على إظهار الجانب المؤلم في حياة الحالة الإنسانية، «وهي مطالبة أيضاً بأن تكون على مقدار من الشفافية وتقدم بيانات دورية لنشاطاتها وحجم التبرعات ويكون هناك اتصال بينها وبين وزارة التضامن الاجتماعي». ويطالب الإعلامي طارق علام الذي كان أول من تخصص في مصر في تقديم حالات إنسانية في برامجه التلفزيونية بالتدقيق في محتوى كل برنامج قبل انتقاده، «فمن السهل جداً فرز البرامج التي تحاول كسب ود الجمهور والتحايل عليه ببعض الحالات الإنسانية التي يعرضها وبين برنامج آخر هادف يتبنى مشاريع خيرية ويجمع تبرعات تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي». ويؤكد علام أن البرامج الإنسانية تحظى باهتمام كبير من المشاهد رغم كم الحزن فيها لأنها تقدم صورة حقيقية لمعاناة بعض الذين يبحثون عن العلاج أو عن مسكن وهذه البرامج هي الوسيلة التي أمامهم لتصل مشاكلهم إلى الدولة وإلى أهل الخير ممن يرغبون في التبرع». ويشدد أكرم النحاس الذي عمل لفترة كمنتج فني لبرنامج «صبايا الخير»، على أن البرنامج كان موضوعياً بالنسبة الى الحالات الإنسانية الراغبة في العلاج وكان هناك تعاون مع بعض الأطباء الذين يتبرعون بعمليات جراحية، وكل التبرعات كانت تتم تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي. ويضيف النحاس: «كنا نضطر أحياناً لعرض بعض الحالات الإنسانية في البرنامج تشجيعاً للمتبرعين، مع أن هذا قد يكون خطأ مهنياً، لكنه كان إيجابياً بالنسبة الى الحالات المرضية حيث إن بعض المتبرعين يريدون أن يعرفوا مصير تبرعاتهم ويطمئنون أكثر عندما يرون الحالات التي تبرعوا لها تحكي تجربتها مع المرض مثلاً على الشاشة». ويؤكد أحد العاملين في الوكالات الإعلانية، رفض ذكر اسمه، أن الهدف من البرامج الإنسانية مثل «صبايا الخير» إعلاني بحت، وكل ما يقال عن أن عمل الخير هو الأساس، غير حقيقي، لذلك كانت المطالبة بعودة برنامج «صبايا الخير» الذي يعد المورد الإعلاني الأساسي لقناة «النهار» ويفوق دخله برامج التوك شو مجتمعه. ومن البرامج الإنسانية التي تقدم في الفضائيات المصرية، والتي تتناول أيضاً قضايا اجتماعية، برنامج «انتباه» للمذيعة منى عراقي ويعرض على قناة «المحور»، بينما تقدم المذيعة بسمة وهبة برنامج «هي مش فوضى» على قناة TEN، وتخوض الفنانة رانيا محمود ياسين تجربة تقديم البرامج الإنسانية على قناة «العاصمة» ويتردد أنها ستنتقل إلى إحدى الفضائيات الكبرى لتقديم برنامج شبيه ببرنامج «صبايا». أما قناة «الحياة» فتتناول الموضوعات الإنسانية والاجتماعية من خلال برنامج «بنات البلد» من تقديم أميرة بدر. وهناك أيضاً برنامج «خيط حرير» على قناة «القاهرة والناس».