بات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان واثقاً من فوز زعيمه عمر البشير بالرئاسة لفترة خمس سنوات جديدة، وذلك قبل أربعة أيام من موعد الاقتراع الذي يبدأ الأحد المقبل ويستمر ثلاثة أيام. وعُلم أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم أجرى اتصالات سرية مع قوى سياسية كبيرة أبرزها حزبا الأمة بزعامة الصادق المهدي والاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني اللذان كانا أكبر كتلتين في آخر برلمان تعددي في الانتخابات التي جرت في 1986. وقالت مصادر سياسية مطلعة ل «الحياة» إن البشير يتجه إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة بعدما بات مطمئناً إلى «فوز مريح». وتوقعت أن يمنح الأحزاب الكبيرة نحو 33 في المئة من مقاعد مجلس الوزراء و30 في المئة للجنوب و10 في المئة إلى حلفائه الآخرين الذين يساندونه خلال الانتخابات، على أن يحتفظ ببقية الوزارات لحزبه الذي يمسك بمفاصل السلطة في البلاد ويتغلغل في أجهزتها المدنية والعسكرية والاقتصادية. وأشارت إلى أن نظام الحكم الرئاسي يتيح له سلطة مطلقة في الحكم ولذلك لم يعد في حاجة إلى استئثار حزبه بغالبية مقاعد مجلس الوزراء. وأضافت المصادر ذاتها أن البشير يسعى إلى «حكم مستقر» ومواجهة تحديات تنتظره في المرحلة المقبلة أبرزها الاستفتاء على تقرير مصير جنوب البلاد الذي يمكن أن يحوله إلى رئيس على نصف دولة، كما أن انفصال الجنوب في حال حدوثه سيحمله مسؤولية تاريخية في أن البلاد تشظت في عهده، وهو لا يريد تحمل تبعات ذلك منفرداً. كما يُتوقع أن تختفي وجوه كثيرة من الحزب الحاكم ظلت تتقلب بين مقاعد الحكم خلال عقدين من الزمان، هما فترة البشير في السلطة. وكان البشير اعتبر أول من أمس فوزه محسوماً وأعلن انه سيعتكف عقب إعلان نتيجة الانتخابات في جنوب البلاد لقيادة حملة من أجل الوحدة، مرجّحاً أن يصوّت الجنوبيون للوحدة وليس الاستقلال. وحسمت الحكومة ومفوضية الانتخابات أمس الجدل المستمر وأكدتا إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والإقليمية في موعدها الأحد المقبل. وقال عضو مفوضية الانتخابات محمد أحمد الهادي للصحافيين إن المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن التقى أعضاء المفوضية للمرة الثانية خلال أربعة أيام، ولم يقدم أي ملاحظات عن سير الإعداد للانتخابات، أو أي مقترح لتأجيلها. واستبعد مستشار الرئيس مصطفى عثمان إسماعيل حدوث أي أعمال عنف أو فوضى في الانتخابات المقبلة، وتوعد بمحاسبة مخترقي القانون، ورجّح مشاركة حزبي المهدي والميرغني في المنافسة في مستوياتها كافة. ونفى إسماعيل وجود صفقة بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وحزب الأمة، لكنه قال إن الحوار مع المهدي لم ينقطع حتى بعدما أعلن الأخير مقاطعته للمنافسة، مشيراً الى أن بعض شروطه يستحيل تنفيذها. كما أكد مساعد الرئيس نافع علي نافع إجراء الانتخابات في وقتها المحدد في أنحاء البلاد المختلفة وفي إقليم دارفور الذي وصفه بالآمن، مشيراً إلى أن كل الترتيبات اكتملت لتتويج المراحل المتبقية من العملية الانتخابية.