افتتحت ايطاليا والولايات المتحدة في روما امس، مؤتمراً دولياً حول ليبيا يهدف الى حض الأطراف الرئيسية في هذا البلد على تطبيق اتفاق تم التوصل اليه بعد مفاوضات شاقة جرت برعاية الأممالمتحدة. ويتطلع المجتمع الدولي الى انهاء النزاع في ليبيا عبر توحيد السلطتين في حكومة واحدة تلقى مساندة دولية في مهمتين رئيسيتين: مواجهة خطر التطرف الذي وجد موطئ قدم له في الفوضى الليبية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية. ويسيطر تنظيم «داعش» على مدينة سرت (450 كلم شرق ليبيا)، ويسعى الى التمدد في المناطق المحيطة بها. غير ان منتقدي خطة الأممالمتحدة يحذرون من ان اي محاولة لتسريع عملية المصالحة، يمكن ان تعزز على العكس المواقف المعارضة التي صدرت منذ اعلان الاتفاق في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، وأن تعمق الانقسام داخل البلد الذي تعمه الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي. وعقد الاجتماع في مقر وزارة الخارجية حيث استقبل الوزير باولو جنتيلوني نظيره الأميركي جون كيري وموفد الأممالمتحدة الخاص الى ليبيا مارتن كوبلر. وحضر الاجتماع ممثلون عن 18 بلداً أوروبياً وعربياً كنائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف والفرنسي هارلم ديزير، وانضم اليهم ممثلون عن الفصائل المتناحرة. وكان وزير الخارجية الإيطالي صرح السبت بأن «علينا ان نثبت ان عمل الحكومات والديبلوماسية يمكن ان يكون اسرع من تهديد الإرهاب». وبعد التزام ممثلين عن برلمانَي طبرق (شرق) المعترف به دولياً، وطرابلس في تونس الجمعة بتوقيع خطة الأممالمتحدة للتسوية الأربعاء، هدف اجتماع امس، بصورة خاصة الى اثبات التضامن الدولي. وقال جنتيلوني ان هذا ينبغي ان يعطي «إطاراً ودفعاً لمراسم التوقيع» التي يفترض ان تجري في المغرب. غير انه لم يكن بوسع الوفود المشاركة في تونس قطع وعود بأن البرلمانين سيبرمان الاتفاق بعد توقيعه. ويرى بعض المراقبين ان توقيع هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه تحت الضغط من خلال وساطة اجنبية يبقى «رهاناً غير مسؤول»، وهو ما ندّدت به وزيرة الخارجية الإيطالية السابقة إيما بونينو والديبلوماسي الفرنسي الكبير جان ماري غيهينو في مجلة «بوليتيكو». ونص اتفاق تشرين الاول، على ان يتولى فائز السراج النائب في برلمان طبرق رئاسة حكومة وفاق وطني من تسعة اعضاء غير ان الديبلوماسيين اعتبرا «من المستبعد» ان تسمح الظروف الأمنية بأن يتولوا مهماتهم في طرابلس. وقالا ان «هذا يعني انهم لن يمارسوا اي سلطة على ادارة الدولة خصوصاً البنك المركزي، وقد يؤجج ذلك المعارك من اجل السيطرة على العاصمة»، في حين ان اي محاولة لإعادة بسط السلطة في طرابلس قد يحرك النزعات الانفصالية في الشرق. وكان ممثلون آخرون عن البرلمانين وقعوا الأحد الماضي في تونس «إعلان مبادئ» ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال اسبوعين وإجراء انتخابات تشريعية والعودة الى احكام الدستور الملكي. وتجمع مئات المتظاهرين بعد ظهر الجمعة في ساحة طرابلس الرئيسة ملوحين بأعلام ليبيا تاييداً لإعلان المبادئ ورفضاً لخطة الأممالمتحدة. وقالت مصادر اوروبية وأميركية ان هدف مؤتمر روما هو تشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون اربعين يوماً بعد توقيع الاتفاق الأربعاء، وإلا فإن الأممالمتحدة قد تفرض عقوبات على الأطراف المتمنعة. اما في حال صمود الاتفاق، فسيكون بوسع حكومة الوحدة الوطنية الحصول على اسلحة وحتى على دعم عسكري دولي لبسط سلطتها ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، كما اوضح مسؤول اميركي. مكافحة الإرهاب ويثير وجود آلاف من مقاتلي تنظيم «داعش» في منطقة سرت الساحلية مخاوف كبرى في العالم خصوصاً أن بعض المسؤولين المحليين يتحدثون عن مئات الجهاديين الأجانب الذين يأتون للتدرب قبل العودة لشن هجمات او خوض معارك. وتبدي ايطاليا، سلطة الاستعمار السابقة لليبيا منذ اشهر عدة، استعدادها لتولي قيادة تدخل عسكري بري غير انها تشترط من اجل ذلك الحصول على ضوء اخضر من الأممالمتحدة ومن السلطات الوطنية المعترف بها. وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 فوضى امنية ونزاعاً على السلطة تسببا بانقسام البلاد قبل سنة ونصف السنة بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دولياً في الشرق، وحكومة وبرلمان موازيين يديران العاصمة بمساندة مجموعات مسلحة بعضها اسلامية تحت مسمى «فجر ليبيا».