لا تزال سيرة حاتم الطائي عالقة في أذهان العرب، وحتى كثير من الأجانب، على رغم مرور أكثر من 1470 عاماً على وفاته. وعلى رغم أن بعض آثار الطائي ما زالت واضحة للعيان، ومنها قبره الواقع في بلدة توارن التابعة لمدينة حائل، الا أن هذه الآثار تعاني الإهمال الشديد، حتى قصره الذي يقع حالياً ضمن مزرعة يملكها مواطن لحق الخراب غالبيته، ولم تبق منه الا أسوار. ويحرص رحالة وباحثون أجانب على زيارة آثار أبو الكرم العربي المتوفي عام 577 ميلادية، اذ توجد بقايا أطلال قصره وقبره وموقدته الشهيرة في بلدة توارن في حائل ويكنّى حاتم أبا سفانة وأبا عدي، وقد أدرك عدي وسفانة الإسلام فأسلما. وعاش أكثر العرب «كرماً وشهامة» في عوارض (جبل في بلاد طيء) شمال السعودية. في الشرق، وبحسب السياح الذين يلتقيهم أهالي قرية توارن، أصبح الوصف المرادف لاسم حاتم هو الرجل الكريم المتسامح، وأفضل وأعظم كلمة يمكن أن تثني بها على رجل شرقي سخيّ هي: أنت حاتم اليوم. وبلدة توارن تقع على مسافة 35 كيلومتراً من مدينة حائل على طريق الحفير – حائل. وتقع هذه القرية المليئة بالآثار التاريخية وسط وادي توارن أحد أشهر أودية أجا. وفي قلب الوادي، مقبرة تحوي قبرين فارعي الطول، أحدهما وهو الموجود في الناحية الشرقية يرقد فيه رمز الكرم العربي. واستقطب ضريح «الطائي» مؤرخين من دول أوروبية طوال ال 200 عام الماضية. ويقول سعود الشمري وهو من المقيمين في بلدة توران: «ما يفعله أهلنا في هذه البلدة، من حماية لأثر هذا الرمز هو شيء يشكرون عليه، لأن ما يفعلونه في سبيل حماية ورعاية أرض وبقايا تلك الآثار، هي بإمكانات فردية، لكنهم لا يزالون يقومون باستقبال ضيوفه حتى هذه اللحظة». ويضيف الشمري: «يمكن أن يقال عن توارن إنها المكان الوحيد الذي كان وما زال يستقبل الضيوف بالحفاوة والود اللذين كانوا يُستقبلون بهما قبل 1470 عاماً». من جهته، قال دالي محمد العضيباوي، والذي يوجد قصر حاتم الطائي في مزرعته، ل «الحياة»: «ان نحتاً على صخرة في أحد أركان القصر، عُثر عليها عام 1383ه، أثبتت أن القصر كان يقطنه حاتم الطائي». وأشار إلى أن النحت عبارة عن وصية من حاتم الطائي لابنه عدي. ولفت إلى «أن القصر الطيني توارثه سكان قرية توارن». وأوضح، «سبق أن سكنا القصر الطيني وغيّرنا في غرفه»، مبيناً «أن هناك دلائل أخرى تؤكد أن حاتم الطائي عاش ومات في القصر ذاته، ومن الآثار التي تؤكد ذلك الضريحان، وبئر ماء شُيد على شاكلة بناء قديم جداً». ولاحظ دالي «أن شهرة حاتم الطائي وصلت لشتى بقاع الأرض، وذلك من خلال الجنسيات والأعراق التي تزور قبر حاتم الطائي، بهدف السياحة والآثار وحب الاستطلاع من خلال سياح أجانب أوروبيين وأميركيين وآسيويين، ويحرص الجميع على التقاط صور تذكارية لهم عند الضريحين والقصر». وأكد «أن قرية توارن تفتقد خدمات ضرورية خصوصاً انها غنية بالنقوش والسدود الأثرية التاريخية»، مطالباً الجهات الحكومية بتوفير مركز صحي وخدمات حكومية أخرى تهم المواطن والسائح خصوصاً أن القرية يرتادها السياح على مدار العام. من جهته، أوضح مدير جهاز السياحة في منطقة حائل المهندس مبارك السلامة ل»الحياة»، «أن هناك لوحات إرشادية توضح موقع منازل حاتم الطائي». وأشار إلى «أن قصر وقبر حاتم الطائي مدرجان ضمن المرحلة الثانية لتهيئة المواقع السياحية».