اتخذ عيد رأس السنة الإيرانية (النوروز) الذي احتفل به الإيرانيون أمس، طابعاً آخر في ظل رئاسة حسن روحاني الذي خلف محمود أحمدي نجاد الذي ساهمت سياسات حكومته في نقل الملف النووي لبلاده من أروقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مجلس الأمن، وفي عقوبات اقتصادية استهدفت شركات وشخصيات إيرانية. كما فرضت الولاياتالمتحدة عقوبات على المصرف المركزي الإيراني وصادرات طهران من النفط، ما أضرّ باقتصاد البلاد، إذ عجزت عن استغلال عائدات النفط التي حُجِزت لدى مصارف دول مستوردة النفط الإيراني، مثل الهند والصين وكوريا الجنوبية. وتعهدت حكومة روحاني لجم التضخم الذي تعدى نسبة 50 في المئة، لكن مرشد الجمهورية علي خامنئي أبدى عدم رضاه عن الأوضاع الاقتصادية، داعياً الحكومة والمجتمع إلى التركيز خلال السنة الجديدة، على الاقتصاد والثقافة. ولا مؤشرات واضحة إلى إمكان إبرام إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، اتفاقاً نهائياً في تموز (يوليو) المقبل، التزاماً بمهلة حددها اتفاق جنيف الذي أبرمه الجانبان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ما يضع طهران أمام استحقاق اقتصادي جديد، وحدا بالمرشد إلى الدفع في اتجاه انتهاج «الاقتصاد المقاوم»، بصفته بديلاً لتعثر المفاوضات في الملف النووي. ويعتقد مهتمون بالشأن الإيراني بأن حكومة روحاني لم تستطع طرح برامج اقتصادية واعدة لتسوية المشكلات، وترجمة الآمال التي أثارها انتخابه رئيساً، إلى واقع ملموس بالنسبة إلى الإيرانيين. وعلى رغم تعهد روحاني، خلال كلمته لمناسبة السنة الجديدة، تحسين الوضع الاقتصادي، تعتقد أوساط اقتصادية بأن الحكومة تستند في تصوّراتها في هذا الصدد، إلى قدرتها على إلغاء العقوبات المرفوضة على المصرف المركزي، ما يتيح تحريك عجلة الاقتصاد. لكن طرح المرشد برنامج «الاقتصاد المقاوم» يعكس خشية من عواقب عدم توصل المفاوضات النووية إلى نتائج مرضية بالنسبة إلى طهران. ويستعد الإيرانيون مطلع الشهر المقبل، لمواجهة تداعيات تنفيذ الحكومة المرحلة الثانية من خطة إلغاء الدعم عن سلع وخدمات، ما سيرفع الأسعار، خصوصاً في النفط ومشتقاته. وإذا كان صحيحاً أن المواطن الإيراني اعتاد قضاء عطلة «النوروز» التي تمتد أسبوعين، متجوّلاً في الربوع الجميلة لبلاده خلال فصل الربيع، إلا أن الصحيح أيضاً أنه أمام استحقاق مهم يتوقف على إمكان نجاح المفاوض الإيراني في تحقيق نتائج تنجز أحلام روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في إلغاء العقوبات عن المصرف المركزي الذي يشكّل مفصلاً مهماً لدوران العجلة الاقتصادية في إيران.