أكد الناطق باسم الحكومة السودانية في مفاوضات الدوحة حول دارفور عضو الوفد الحكومي اليها الدكتور عمر آدم رحمة أن المفاوضات بين الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» ستبدأ خلال هذا الأسبوع «وربما الثلثاء أو الأربعاء المقبل» بعدما وقّع الجانبان اتفاقي «اطار» و «وقف النار». وشدد على «اننا جاهزون للمفاوضات سواء مع حركة التحرير والعدالة أو مع حركة العدل والمساواة في سبيل الوصول إلى حل جذري لمشكلة دارفور». وأوضح في حديث الى «الحياة» أن الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» ردتا على «ورقة» قدمتها الوساطة (القطرية الافريقية الدولية)، لافتاً إلى أن الوساطة أعدت ورقة مشتركة بناء على اقتراحات الطرفين وملاحظاتهما. كما ردت الحكومة السودانية على ورقة أخرى قدمتها الوساطة في خصوص كيفية تنفيذ «اتفاق اطار» وقعته الخرطوم مع «حركة العدل والمساواة» في وقت سابق. وفيما قال «إننا (الوفد الحكومي) مستعدون لتجاوز أي خلاف وبخاصة ما يتعلق بمسائل النازحين واللاجئين وكيفية عودتهم وتعويضهم»، لفت الى أن «هناك اشارات وردت (من حركة التحرير والعدالة) في شأن فترة انتقالية في دارفور، ونقول إن في الامكان الاتفاق على مواقيت زمنية لا حديث عن فترة انتقالية (جديدة) لأن ذلك يعني أن البلد كله سيكون في حالة انتقالية». وأفاد أن «الوساطة اقترحت تشكيل خمس لجان (لخوض المفاوضات بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة)، وهي لجان المشاركة في السلطة، وتقاسم الثروة والأراضي والنازحين واللاجئين والترتيبات الأمنية، ولجنة لمعالجة أي نزاعات يمكن أن تنشأ بين الجانبين (لجنة معالجة لأي اشكالات) وستكون هذه اللجنة برئاسة الوساطة». وعلم أن الحكومة السودانية تتحفظ على اقتراح يتوقع أن تطرحه «حركة التحرير والعدالة» في شأن تكوين «لجنة للمصالحات» لمعالجة أي اشكالات بين القبائل والمجتمعات المحلية. وقال رحمة في هذا الشأن إن الحركة، إذا اقترحت هذه اللجنة، «فنحن مبدئياً مع المصالحات، لكن هذه المسألة يجب أن تؤخذ بحذر حتى لا ينزلق أمر المصالحات في شكل يجعل من الدولة (الحكومة السودانية) مطالبة في شكل أو في آخر بمعالجة كل المشاكل بين القبائل، لأن كثيراً من الممارسات تتم خارج القانون وأحياناً تحدث ممارسات إجرامية من أفراد أو قبائل. وإذا تدخلت الدولة في تلك القضايا، فستجد نفسها مضطرة للتعامل مع قضايا عادية، ولا يمكن أن تتحمل الحكومة دفع ديات لمئات الأشخاص بسبب صراعات قبلية». ورأى رحمة: «نحن أقرب إلى الوصول الى اتفاق مع حركة التحرير والعدالة، ولا توجد مشكلة في شأن جدول أعمال المفاوضات وأجندة التفاوض والقضايا السياسية. كما يمكن توقيع اتفاق (نهائي للسلام مع حركة التحرير والعدالة) خلال أسبوع، لكن هذا الأمر قد يمتد الى ما بعد موعد اجراء الانتخابات السودانية في 11 نيسان (أبريل) الجاري. وسواء تم ذلك قبل الانتخابات أو بعدها، فإن عملاً ايجابياً سيتم في اطار الحرص على الوصول إلى هدف في نهاية المطاف». ورداً على سؤال ل «الحياة» عن طريقة عمل لجان التفاوض بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة، قال إنها ستعقد اجتماعاتها بالتزامن، أي سيتم تبادل المذكرات، وبخاصة أن «التجربة أكدت أن الجلوس (بين طرفي الصراع) وجهاً لوجه سيجعل الحديث يتحول الى مزايدات، نحن نفضل تبادل المذكرات لتناقش على مستوى لجان، ثم تجلس لجنة مشتركة لمناقشة الآراء المشتركة». وهل سيغادر الوفد الحكومي السوداني الدوحة إلى الخرطوم خلال أيام وما السبب، قال: «إن رئيس وفد المفاوضات وزير الدولة الدكتور أمين حسن عمر وبعض أعضاء الوفد الحكومي سيغادرون الى السودان يوم الخميس المقبل. كما سيغادر آخرون من الوفد الحكومي يوم السبت المقبل للمشاركة في الانتخابات المقبلة، لكن سيكون وجود الحكومة السودانية مستمراً في الدوحة. ولن يكون هناك غياب للحكومة السودانية وسيبقى هنا حوالى خمسة أشخاص (من الحكومة). كما يمكن أن يعود أعضاء الوفد المسافر من الخرطوم الى الدوحة في أي لحظة إذا استدعى الأمر». ورداً على سؤال: هل توجد اتصالات مع «حركة العدل والمساواة» حالياً، أكد أن حركة «العدل» أوقفت تماماً أي اتصال مع الحكومة السودانية، «وكان ينبغي التواصل لمناقشة اتفاق وقف النار بعد توقيع اتفاق اطار نص على ذلك». وأوضح أن الوساطة قدمت ورقة تتضمن اجابات عن أسئلة عن سبل تنفيذ بند وقف النار. وقال إن الوفد الحكومي السوداني رد على الأسئلة من خلال لجنة الترتيبات الأمنية التي تمثل القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية والشرطية. ووصف ورقة الجانب الحكومي المقترحة في شأن وقف النار مع «حركة العدل والمساواة» بأنها شاملة وأعدت في شكل جاد وعملي ونأمل في أن يتفق في النهاية مع حركة «العدل» على توقيعها، مشيراً الى أن من حق الحركة أن تطرح رؤيتها في هذا الشأن. وقال: «نأمل بأن يساهم وجود رئيس «حركة العدل والمساواة» الدكتور خليل ابراهيم في الدوحة حالياً في دفع المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة، وخصوصاً أن خليل أعلن أنه وصل لدفع المفاوضات، ونأمل أن يؤدي وجوده الى تحريك المفاوضات مع الوفد الحكومي والرد على طلب الوساطة وأسئلتها عن كيفية الاتفاق على وقف النار (توقيع اتفاق تفصيلي في هذا الشأن). وشدد على أهمية التوصل إلى اتفاق لوقف النار مع حركة «العدل» لأنه يمثل «مسألة مفتاحية تهيئ المناخ للدخول في مفاوضات حول القضايا الجوهرية». وقال: «حتى مع حركة العدل، فإن القضايا واضحة حول التنمية والتعويضات والأراضي، والحكومة السودانية جاهزة للتفاوض مع حركة العدل في خصوص ما ورد في اتفاق الاطار» الذي وقع في وقت سابق. ودعا «الإخوة في «حركة العدل والمساواة» الى أن يكونوا واقعيين في طرح القضايا، وأن يضعوا في الاعتبار التحولات السياسية التي تجري في السودان حالياً في ما يتعلق بالتحول الديموقراطي الذي ستتمخض عنه حكومة منتخبة يتطلع اليها كل أهل السودان». وقال في اشارة ذات دلالات إن «تمثيل أهل دارفور في حكومة ولائية (اقليمية) أو اتحادية (مركزية) تقرره الانتخابات، وأن تمثيل حركة العدل وغيرها هي مسألة يتفق عليها (مع الحكومة السودانية). واذا فاز (حزب) المؤتمر الوطني (الحاكم برئاسة الرئيس عمر البشير)، فلا مشكلة في تنفيذ ما اتُفق عليه سواء في الحكومة المركزية أو الولائية (في دارفور)». وسئل: هل تلمسون مرونة في طرح «حركة العدل والمساواة» حالياً؟ فقال: «لم يصل رسمياً ما يفيد بذلك، لكننا نحسب من خلال متابعتنا للاعلام أن حركة العدل هي أفضل (الآن) من حيث الرؤية السياسية للأشياء والمرونة في تفهم وجهات نظر الآخرين، أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «نأمل بأن يكون ذلك مدخلاً لتصحيح المسائل العالقة بين «حركة العدل والمساواة» وبقية الحركات (الدارفورية) الأخرى حتى نستطيع أن نصل إلى اتفاق سلام شامل». وأكد أن «الحكومة السودانية ستعمل على توقيع اتفاق سلام واحد اذا اتفقت حركة العدل والمساواة مع حركة التحرير والعدالة. واذا لم يتم ذلك، فسيكون هناك مساران، أي اتفاقان أحدهما مع العدل، والثاني مع التحرير والعدالة». كما حضت الحكومة السودانية على لسان عمر آدم رحمة «الذين لم ينضموا الى حركة التحرير (من فصائل أخرى) أن ينضموا الى تلك الحركة. واذا لم يتم ذلك في شكل وحدة اندماجية، فيمكن أن يتم التنسيق في موقف تفاوضي واحد. ونؤكد أنه لن يكون هناك مسار تفاوضي ثالث» بعد مساري التفاوض مع حركتي «العدل والمساواة» و «التحرير والعدالة». وفي شأن الانتخابات السودانية المقبلة ومدى تأثيرها في مفاوضات الدوحة، شدد على حرص الحكومة السودانية على اجراء انتخابات حرة ونزيهة، وانتقد أحزاب المعارضة. وقال إنها تعيش حال ارتباك أصابت المواطنين بحالة احباط، «وإننا نتطلع الى معارضة موضوعية». وأكد عدم تأثر مفاوضات الدوحة بالانتخابات السودانية، لأن «الحكومة السودانية التي تتفاوض في الدوحة هي التي ستخرج باذن الله منتصرة وكاسحة للانتخابات على كل المستويات». وفيما اتهم احزاب المعارضة بممارسة التكتيك لا العمل الاستراتيجي والسعي للوصول الى السلطة، سئل ألا يسعى حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم الى السلطة أيضاً، فقال إن «المؤتمر الوطني في السلطة الآن ويسعى الى السلطة من خلال ما قدمه لأهل السودان، لا من خلال طرح مواقف تكتيكية في سبيل الوصول الى السلطة فقط». ورأى أن سحب الحركة الشعبية لتحرير السودان مرشحها للرئاسة ياسر عرمان «قرار مناسب جداً لأنها كانت ستُمنى بهزيمة نكراء حتى في جنوب السودان». ونفى أن يكون حزب «المؤتمر الوطني» يسعى الى تزوير نتائج الانتخابات. وقال إن «تلك الأحزاب (المعارضة) لا تستحق أن تزوّر لها انتخابات».